“المَسار البديل” في ندوة مع اليسار الاسباني
مؤتمرنا في اكتوبر القادم محطة للتصحيح والتغيير الثوري
1 تموز / يوليو 2021
(قدم الرفيق خالد بركات هذه المداخلة باسم اللجنة التحضيرية العامة)
سُعداء جداً بتنظيم هذه الندوة المُهمة. وشكراً للرفاق والرفيقات مارتا وجون، والعزيز ماجد الدبسي على مقدمته المهمة وللعزيزة ايزابيل على إدارة متميزة لأعمال الندوة، وتحية للرفيقات والرفاق في المسار الفلسطيني البديل في “لجنة مدريد” خصوصاً على تنظيم هذا اللقاء مع قوى يسارية رئيسية في اسبانيا.
هذه الحلقة الاولى في سلسلة ندوات سياسية وثقافية فكرية مستمرة تبحث في العلاقة بين عدد من البلدان مع قضية فلسطين، وهي سلسلة يجري تنظيمها في أكثر من بلد. لأننا نريد التّعرف من خلالها على واقع النضال في هذه البلدان والتحديات الراهنة التي تواجه اليسار تحديدًا، والتّعرف أكثر على مواقف الأحزاب والقوى السياسيّة فيها من جِهة ثانية. وخاصة الموقف من قضية فلسطين.
شُكراً على المعلومات القيّمة التي سمعناها اليوم في الندوة . أصبحنا نعرف أكثر ،ولو قليلاً، عن تاريخ وواقع حركة النضال في اسبانيا ومواقف القوى والأحزاب اليسارية الرئيسية تجاه القضيّة الفلسطينيّة.
الندوة الثانية من هذه السلسلة تنعقد يوم الأحد 4 تمور / يوليو بعنوان كندا والقضية الفلسطينية.
وبالمناسبة اليوم 1 تموز يوليو يسمى “يوم كندا” أو يوم الاستقلال غير أنه بالنسبة للسكان الاصليين في كندا يشبه يوم 15 ايار /مايو في فلسطين المحتلة، يوم النكبة، لأن كندا ، كما هو معروف، بلد استعماري استيطاني. واليوم نتذكر نضال الشعوب الأصلانية التي لا تزال تناضل من أجل حقوقها المشروعة، اليوم نحيي نضالاتها ونقف مع نضالها من أجل حقها في تقرير المصير والسيادة والتحرر والمساواة، ونؤكد على ترابط قضايا النضال في العالم، وبالتالي فان أي انتصار تحققه الحركة العمالية وتنتزعه الطبقات الشعبية في أي مكان هو في الواقع انتصار لفلسطين .. والعكس صحيح.
لنتذكر كيف كانت اسبانيا وفلسطين تخوضان الثورة الشعبية المُسلّحة عام 1936، وهذا مشترك كبير وهام في تاريخ الشعبين، رغم اختلاف الظروف وخصوصية كل تجربة وحالة . الحقيقة مثل هذه المناسبات التاريخية نستعيدها اليوم ليّس لأنها الماضي وحسب بل لأنها ايضا طاقة نضاليّة تُجدد نشاطنا وتدفعنا نحو حركة التغيير الثوري في بلداننا والعالم، ونحن نسير معا نحو المستقبل في طريق النضال المشترك من أجل المجتمع الانساني البديل. وحتى نسال انفسنا على حققنا احلام تلك الاجيال؟ هل وصلنا الى المجتمع البديل؟
مؤتمر مدريد 1991 كان جريمة كبرى بحق الشعب الفلسطيني. أول مكسب كبير حققته “اسرائيل” من هذا المؤتمر كان الغاء قرار الامم المتحدة الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية واستندت الامم المتحدة على نتائج مؤتمر مدريد لتغيير قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379، الذي أُعتمد في 10 نوفمبر 1975 بتصويت 72 دولة بنعم مقابل 35 (وامتناع 32 عضوًا عن التصويت)، ويحدد القرار “أن الصهيونية هي شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري“. وألغي هذا القرار بموجب القرار 46/86 يوم 16 ديسمبر 1991 بعد اسبوعيين فقط على انعقاد مؤتمر مدريد
نريد الاشارة سريعاً إلى مهام ودور اليسار الفلسطيني والاسباني إرتباطا بمهمة البديل الثوري، وتحديداً مؤتمر المسار البديل في اكتوبر – نوفمبر 2021 ولماذا نرى في هذا المؤتمر وقفة مهمة بالنسبة لنا جميعاً؟ لليسار الفلسطيني واليسار في اسبانيا على حد سواء.
أولاً : لأننا سنكون معًا في اكتوبر 2021 من أجل مواجهة الامبريالية وسياسة القوى والدول التي أسَّست لمشروع التصفية ، مشروع التضليل والخداع ، وما يسمى “عملية السلام ” طوال 30 عاما مضت..
منذ أن انطلقت من مدريد في اكتوبر 1991 واليوم رأينا أن هذا الطريق فشل ووصل الى نفسه الأخير..
كانت مسيرة من الكذب والخداع، وكانت مسيرة من المجازر والاستيطان والحصار والعدوان ولم يحصد منها الشعب الفلسطيني إلا المزيد من الخيبة والدمار والكوارث فيما حقق النظام الاسرائيلي الكثير الكثير لصالح المشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين. ولا غرابة اذن في أن تواصل وتصاعد العدوان على شعبنا مع الحديث عن مسيرة “المفاوضات وعملية السلام” التي تشكل الغطاء المفضل للاستعمار كي يمارس جرائمه بيد .. ثم يصافحك باليد الاخرى. وكلنا نعرف كيف تضاعف عدد المستعمرين الصهاينة مرات ومرات خاصة في الضفة والقدس المحتلة.
سنكون معًا اذن ضد سياسات الطبقات الحاكمة والقامعة والمُستغِلة في بلداننا. في مواجهة تلك القوى المعادية التي نظّمت مؤتمر مدريد عام 1991 وكان الهدف من مؤتمرهم هو التطبيع وتركيع المنطقة كلها وليس السلام. وبخاصة في ظل عالم إختلت فيه موازين القوى الدولية والاقليمية لصالح الامبريالية الامريكية بالكامل تقريباً.
ثانياً: مؤتمر المسار البديل ينعقد في فترة تتزامن مع الأول من 1 نوفمبر : ذكرى انطلاقة ثورة الجزائر التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي. ومن يعرف طبيعية العلاقة بين فلسطين والجزائر يعرف انها علاقة مميزة وعميقة وراسخة ومهمة وتاريخية..
ولنتذكر ان الاستعمار ممكن، وربما يستمر لعقود من الزمن، وقرون، غير أن النضال ضده ممكن ، والنصر عليه ممكن أيضاً.
ثالثا: ينعقد مؤتمرنا البديل في مدريد تزامنا مع مرور 104 سنوات على وعد بلفور في 2 نوفمبر ، هذه فرصة للقول ان بريطانيا الاستعمارية وسياساتها تتحمل مسؤولية مباشرة عن ما جرى ولا زال يجري للشعب الفلسطيني،
وان “اسرائيل” كانت تركة استعمارية بريطانية اوروبية ؛ ثم ورثتها امريكا مع النفط والهيمنة على المنطقة.
وان “اسرائيل” ظاهرة استعمارية استيطانية زرعتها قوى الامبريالية الفرنسية والبريطانية والامريكية لتخدم مصالحها وتمنع تحقق حركة التغيير الثوري الديمقراطي في كل الوطن العربي .. وليس فقط في فلسطين.
رابعاً: مؤتمرنا محطة هامة لمواجهة النظام العربي الرجعي، خاصة النظام النفطي في الخليج وجمهوريات القمع والممالك في مصر والنظام الاردني والبحرين والسعودية وقطر والامارات وغيرها. مواجهة قوى التطبيع العربي في منطقتنا التي وقعت معاهدات الاستسلام من كامب ديفيد ووادي عربة واوسلو واتفاقيات التعاون العلني بين الامارات والبحرين وغيرها مع اسرائيل.
وهناك الاسباب الكثيرة التي لا حصر لها، كلها تؤكد وتدلل على اهمية هذه المحطة في مدريد اكتوبر القادم
الرفيقات والرفاق
اذا كان ضعف اليسار الفلسطيني والاسباني والعالمي في عام 1991 قد ترافق مع التحولات الكبرى التي جرت في تلك السنوات خاصة حرب الخليج الاولى على العراق وانهيار الاتحاد السوفياتي، إذا كان هذا كله قد حاصر الانتفاضة الشعبية الكبرى في فلسطين ولم يمنع انعقاد مؤتمر مدريد التصفوي التامري 1991.. فان مؤتمر المسار البديل في اكتوبر القادم 2021 يمكن أن يشكل محطة للتصحيح في المفاهيم ومحطة للتغيير الثوري، فنقدم معاً هذا البديل السياسي الاجتماعي الثقافي ونشارك معاً في اطلاق حركة فلسطينية عربية أممية جديدة تكون بمثابة المسار البديل نحو فلسطين.
مؤتمر مدريد القادم، بداية انطلاقة مسارنا البديل، انطلاقة فلسطينية عربية أممية لمواجهة الامبريالية والقوى الرجعية سواء في المنطقة العربية او تلك في اسبانيا واوروبا عمومًا.
فلا تغيير حقيقي دون مشاركة المرأة الفلسطينية كقيادة مركزية مقررة أساسية ودون مشاركة الجيل الفلسطيني الجديد الذي صار يجب ان ينتزع دوره ويتسلم الراية ويقود المرحلة الجديدة. انه مناسبة لكي نقول أن تراجع اليسار والقوى الاشتراكية لا يعني انتصار الراسمالية وقوى الاستغلال والعنصرية والصهيونية والفاشية إلى الابد ..ولا نهاية التاريخ، كما تصورها فوكوياما، فلا أحد يملك قرار ومفاتيح الأبد !
سيكون المؤتمر في مدريد مناسبة يلتقي فيها أصحاب هذه المبادرة الشعبية الفلسطينية في مسار واحد مع رفاقهم ورفيقاتهم العرب وغير العرب ومع اخواننا واخواتنا من اليهود الأحرار المناهضين للصهيونية والاستعمار الذين يقاتلوا إلى جانب الشعب الفلسطيني من أجل التحرير والعودة وتحقيق السلام الحقيقي في فلسطين الحرة والمحررة من النهر الى البحر.
فالشعوب ايها الرفيقات والرفاق لا تقاتل من أجل دولة أو دولتين بل من أجل حقوق مشروعة. من أجل وطن حر وشعب سعيد..ومن اجل السلام القائم على العدل، وان نضالنا يجب أن يتصاعد أكثر في الفترة القادمة، ونكون اليسار الجذري الموحد في مواجهة معسكر فاشي صهيوني يعادي الشعوب ويستغلها ويستعمرها. ان الامبريالية والصهيونية والفاشية موحدة وعلينا ان نوحد قوانا نحن ايضاً ونقاتل معاً.
أختتم بمقولة شهيرة للدكتور جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي طالما ظل يناضل من اجل البديل الثوري العربي والفلسطيني والاممي .. ونتذكر مقولته “إنّ النضال ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية قد يستمر 100 سنة أو اكثر ..فعلى قصيري النفس أن يتنحوا جانباً”
*****