نقلًا عن صحيفة الأخبار اللبنانية
ثلّاجات الموت
بعد احتجاز جثمان الشهيد سنين عديدة، قد تُقرر المحاكم الصهيونية نقل الجثمان إلى ما يسمّى «مقابر الأرقام» من دون إخطار أهله أو محاميه، والذي يُعتبر كابوساً للأهالي، بسبب ازدياد صعوبة استرجاع الجثمان بعد نقله إلى هذه المقابر. فما هي «مقابر الأرقام»؟مقابر الأرقام
مصطلح يطلق على مدافن سرّية من دون شواهد، حيث تُثبّت على أعلى القبر لوحة معدنية، تحمل رقماً بديلاً عن اسم الشهيد، يدلّ على رقم ملفّه الّذي تحتفظ به مؤسسات العدو الصهيوني. من الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة إهمال متعمّدة، فلا تحتفظ بمعلومات وافية عن الجثامين، ولا تدون في بعض الأحيان مكان الدفن، ولا تحتفظ بعينات «DNA»، وغيرها من السياسات التي تهدف إلى خلق شكوك حول هويّة الجثمان الحقيقية. تخضع مقابر الأرقام لما يسمى «وزارة الدفاع الإسرائيلية»، وتُعتبر مناطقها مناطق عسكرية مغلقة، يطلق عليها الاحتلال اسم «مقابر قتلى العدو»، ولا يسمح لذوي الشهداء أو ممثلي المؤسسات الدولية والإنسانية أو وسائل الإعلام بزيارتها أو تصويرها.
ما زال الكيان الصهيوني، يحتجز جثامين مئات الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل مختلفة من النضال الفلسطيني، إضافة إلى أسرى استشهدوا تحت التعذيب أو بسبب الإهمال الطبي المتعمد. عدد الشهداء الموثّق وجودهم في مقابر الأرقام هو 256 شهيداً وشهيدة. لكن المؤسسات الحقوقية والإنسانية تؤكّد عدم مقدرتها على معرفة العدد الحقيقي في «مقابر الأرقام» وأماكنها، أو عدد الشهداء المدفونين فيها وهوياتهم. ووفق معطيات الصحافة الصهيونية، فإن تلك المقابر تفتقر إلى الحد الأدنى من المواصفات التي تصلح لدفن الأموات من البشر، حتّى أنّ بعض الجثامين، قد فُقدت تماماً بفعل انجراف التربة والعوامل الجوية. هذا عدا عن إبراز الاحتلال همجيته في التعامل مع جثامين شهدائنا الأبرار، إذ يجري في أغلب الأحيان وضع الجثمان في كيس بلاستيكي، ثم طمره بالرمال من دون وضع عازل إسمنتي، وأحياناً يدفن أكثر من شهيد في القبر ذاته، وربما تضم القبور شهداء من الرجال والنساء.
الحملة الدولية لتحرير جثامين الشهداء
«لا يمكن أن ننسى آخر واجب بحق أبنائنا، وهو واجب دفنهم بكرامة»-أزهار أبو سرور، أم الشهيد الأسير عبد الحميد أبو سرور، المحتجز في ثلاجات الاحتلال منذ 2016.
هكذا بدأ بيان انطلاق «الحملة الدولية لتحرير جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة في ثلاجات ومقابر أرقام الاحتلال الصهيوني». تسعى هذه الحملة إلى تدويل قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم، فهي لا تلقى الاهتمام الكافي وطنياً، وغير معروفة عالمياً، ونظمت عبر أسبوع من النشاطات على الأرض، وكذلك الافتراضية في مختلف دول العالم، في مسعى لجعل هذه القضية على جدول الأعمال اليومي للمنظمات الداعمة، والتي يزيد عددها على 50 منظمة، كما تسعى إلى تناول القضية بشكل مكثف سنوياً في الأسبوع 3/11 – 3/18 حيث يتزامن هذا اليوم مع يوم الأسير السياسي العالمي. وأوضحت الحملة في بيانها أنها تعتبر الشهداء المحتجزة جثامينهم «أسرى لدى الاحتلال الصهيوني، لأهلهم وللشعب الفلسطيني الحق بزيارتهم وتحريرهم ودفنهم في مراسم تليق بالتضحية التي قدموها من أجل هذه القضية العادلة».
نظمت الحملة الدولية في إطار هذا الأسبوع سلسلة من الندوات الرقمية مع أهالي الشهداء، ومجموعة من الفعاليات في ألمانيا وفرنسا وأميركا. ووجّهت دعوة إلى القوى المقاومة والشبكات والمجموعات التضامنية الداعمة لنضال الأسرى، وإلى حملات المقاطعة المنتشرة في العالم للمشاركة الفاعلة، توسيعاً لرقعة الدعم والتضامن مع الأسرى والشهداء الفلسطينيين والعرب، ورفضاً لنهج السلطة الفلسطينية التي تتحمل مسؤوليةً بتسليم معلومات، أدّت إلى استشهاد ثم احتجاز بعض المقاومين، ومن ثم انتهجت سياسة التخلي عن ملف الجثامين تماماً.