– من هي منظمة الجذور وما هي أهداف مؤسستكم؟
“منظمة الجذور” مجموعة من الشباب الفلسطيني المُنظّم في هذا الجزء من الشتات. هم شباب فلسطينيون جرى نفيهم من فلسطين مباشرةً، أو وُلدوا في الشتات. هدف هذه المجموعة المساهمة في تحرير فلسطين من خلال نضالها من أجل التحرير الوطني؛ وتنظيم وتسييس الجماهير الفلسطينية في الشتات، والحفاظ على الرابط الأساسي مع شعبنا الذي يقاوم في وطننا. إن تنظيم وتسييس شعبنا يترجم من خلال إنشاء الشبكات والتثقيف والنقاش. من الضروري بناء معرفتنا وتكويننا، وتكوين الآخرين، وعدم فقدان الرؤية العملية. لقد قدَّمت الثورة الفلسطينية إسهامات نظرية وعملية هامّة جدًا غير أنها للأسف ليست معروفة ومدروسة بما فيه الكفاية أمثال “غسان كنفاني، جورج حبش، ليلى خالد، وديع حداد..”وآخرين كثر.
من ناحية أخرى، كمناضلين دوليين، وأيضًا عمال وعاملات يعانون من استغلال في إسبانيا، نشترك وننخرط في المنظمات التي تناضل من أجل التحرر الاجتماعي والطبقي قدر المستطاع. كما نشترك ونتعاون مع منظمات يسارية، ونقابات العمال والإسكان، وجماعات مكافحة الفاشية والتمييز العنصري والنسوية، كل ذلك تحت منظور ضروري لإلغاء وتجاوز الحالة الراهنة في جميع هذه المجالات، ونحاول الحفاظ على علاقة تبادلية إذ تكون مهمة تحرير فلسطين محورًا أكثر تحديدًا واتساقًا. ونقدم تدريبات للجماعات التي تدعونا، كما ندعو بدورنا كوادر من مجموعات متنوعة لتثقيفنا حول مواضيع مختلفة، ونشارك في الحملات الخاصة بتحرير المعتقلين السياسيين.
محورنا الأساسي هو الدفاع و التحرير لإزالة الاستعمار في جميع أنحاء فلسطين: من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وحق العودة لجميع اللاجئين حيث أماكن منشأهم، ودعم نضال التحرير الفلسطيني بجميع الوسائل الضرورية، بما في ذلك الكفاح المسلح.
“-هل تقومون بأنشطة عملية وفعاليات ومحاضرات لدعم قضية فلسطين في إسبانيا؟
بالفعل، كما أشرنا أعلاه، فإن النظرية لا يمكن فصلها عن الممارسة في استراتيجية حقيقية للتحرير. ندعوكم، أيها الرفاق، لمتابعتنا على وسائل التواصل الاجتماعي عبر تويتر (https://twitter.com/alyudur?t=ilPUfs1lOBPQYOB4Ii527g&s=09) وإنستجرام(https://instagram.com/alyudur_pal?igshid=MzRlODBiNWFlZA==)لمعرفة نشاطاتنا ومظاهراتنا وحملاتنا، وما إلى ذلك.
بالإضافة إلى جهودنا العامّة في مجال الدعوة لتحرير فلسطين والتعريف بأوضاع فلسطين والأسرى، فإن جزءًا مهمًا من نشاطنا في الآونة الأخيرة كان الحملة من أجل إطلاق سراح الرفيق “جورج إبراهيم عبد الله”، فهو لبناني من أصل مسيحي، وأيضًا أقدم معتقل سياسي في أوروبا، تم اختطافه منذ 1984 ومعتقل في سجون النظام الفرنسي، وقد تجاوز بلانكي “المسجون” [ثوري فرنسي معروف و معتقل سياسي قضى 37 عام في سجون فرنسا الملكية]. أُدين جورج في محاكمة صورية، واستحق طلب الافراج عنه منذ عام 1999 لكن بسبب التعسف الإداري ومن خلال إصلاحات قانونية مخصصة مازال معتقلا. لقد استخدمنا في هذا السياق الفيلم الوثائقي “فدائيين”، الذي يحكي قصة “جورج عبد الله” ومسيرة حياته ونضاله، من إعداد رفاقنا في رابطة “فلسطين ستنتصر”. والتي حظيَت بشرف محاولة حلها بقرار من “ماكرون ” سيئ السمعة لكن الجهود القانونية فيما بعد نجحت في عكس هذا القرار.
كما أننا نحمل ونناقش كتاب جورج إبراهيم عبد الله. دليل المقاومة داخل وخارج السجن ” للمؤلف سعيد بوعمامة، والذي تمت ترجمته إلى الإسبانية بواسطة دار النشر الباسكية بولكس. يقدم هذا الكتاب رؤية لحياة جورج إبراهيم عبدالله ويلخص إسهاماته النظرية والأمثلة العملية، سواء في النضال المسلح والسياسي الذي شارك فيه، أم في مواجهته لمحاكم الطبقة البرجوازية الاستعمارية. إن الثائر هو من يحاكم النظام القمعي وجلاديه. يجمع الكتاب جزءً من مساهماته كباحث معادي للاستعمار الدائم في إنتاج أدوات تحرر وكونه شيوعيًا لا يرضى بالاستسلام.”
نتعاون أيضًا بشكل نشط مع نقابات الإسكان، على سبيل المثال، في حملات ضد شركة Vbare socimi. إنه مثال واضح جدًا على الرأسمالية الاستعمارية إذ تستفيد الشركة من العمل في فلسطين ومن نهبها ، وتستهدف أيضًا مباشرة العمال الذين يعيشون في مدريد وتطردهم من منازلهم. (www.boicotvbare.org)
هل لديكم علاقات مع أي منظمة داعمة لفلسطين في إسبانيا؟ وفي دول أخرى؟
لدينا علاقة تضامن قوية مع مجموعات مثل (شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى) و(حركة نساء فلسطين، – الكرامة) و( جمعية الكتائب الدوليةUnadikum. )نحن أعضاء مؤسسين في (حركة المسار الفلسطيني الثوري البديل) . (https://masarbadil.org/es/inicio/)
لدينا أيضاً علاقات مع (لجنة الشعوب المتعددة الثقافات) و (فلسطين حرة في إقليم مورثيا) والعديد من الجماعات الأخرى. ونحن جزء من التحالف الوطني لدعم فلسطين (RESCOP) كما نتعاون في التحركات مع مجموعات مختلفة تعتمد رسميًا أو غير رسميًا إطارًا من مقاطعة إسرائيل (BDS).
على المستوى الدولي، بالإضافة إلى الجهات التي تم ذكرها لدينا علاقات مع (حركة الشباب الفلسطيني في أمريكا الشمالية) وحركة (فلسطينيي فنزويلا – العودة، ورابطة فلسطين ستنتصر وSUMUD فلسطين.”وغيرها
لو عدنا الآن قليلاً إلى التاريخ. ما هي الجذور التاريخية للاضطهاد الوطني في فلسطين؟
من أجل أن نكون دقيقين وموجزين، فإن الخيط الرئيسي للاضطهاد التاريخي الرئيسي لشعبنا هو الاستعمار، وخاصة الاستعمار الأوروبي، من قبل أشخاص يصفون أنفسهم بأنهم يهود، مع تباين تاريخي في الإيمان باليهودية أو العلمانية لهؤلاء المستوطنين.
بدأ هذا الاستعمار في نهاية القرن التاسع عشر مع بروز القوميات الأوروبية وولادة الصهيونية في أحضانها. هذه القومية العنصرية، التي نشأت بشكل رئيسي في سياقات أوروبا الشرقية، تعتبر أن الأشخاص من أي بلد أو أمة في العالم هم غرباء عن واقعها المادي وينتمون إلى أمة يهودية واحدة. هذا تطابق ليس من المصادفة مع نظريات معاداة اليهود التي انفجرت بشكل حاسم في الثلث الأول من القرن الماضي.
بدأ استعمار الأوروبيين الذين يصفون أنفسهم بأنهم يهود خلال الفترة العثمانية الأخيرة وزاد تدريجيًا حتى قاموا بقفزات ضخمة تحت السيطرة الجديدة للإمبراطورية البريطانية.
تيودور هيرتزل، أحد أبرز منظري الحركة الصهيونية، كان واضحًا تمامًا عندما قدّم مقترحه لحلف الإمبرياليين، ومفاده: استعمار اليهود في فلسطين سيكون جدارًا دفاعيًا لأوروبا في الشرق. وقام الإمبرياليون البريطانيون، من أجل مصالحهم، بمساعدة الصهاينة في مشروعهم الاستعماري منذ اللحظة الأولى. لإصدار (وعد بلفور المشؤوم) أصدروا تصريحات تهدف إلى إرضاء النخب العربية، على الرغم من أنه كما هو معروف بفضل انتصار الثورة البلشفية 1917، تكشفت أمام البشرية المخططات الاستعمارية للقوى الكبرى، كان إحتلال أرضنا في صالحهم ومخططًا محددًا سلفاً.
“لماذا تم إنشاء دولة إسرائيل؟ ما هي “الحجة التاريخية” التي يعتمدها الصهاينة لتبرير تاسيس دولة إسرائيل؟
لم تكن فلسطين المكان الوحيد الذي روج له قادة الحركة الصهيونية لتأسيس دولة عرقية. في الواقع، من الناحية الدينية، تُعتبر الهجرة إلى فلسطين أمرًا مخالفًا للمعايير الدينية للأغلبية التقليدية اليهودية لأسباب عقائدية. بدأت هذه العقلية الدينية للأكثرية اليهودية تتغير اعتبارًا من نهاية الحرب العالمية الثانية على وجه الخصوص، كما يشرح الأكاديمي الأمريكي اليهودي نورمان فينكلشتاين في كتابه “صناعة المحرقة”، حيث جرى تزايد الدعم للكيان الاستعماري الصهيوني بشكل عام بعد الحروب و”الانتصارات العسكرية” للمستوطنين الإسرائيليين، وبخاصة بعد عدوان 1967.
في تلك الفترة تحديدًا رأينا زيادة دعم الصهيونية داخل الطبقة البرجوازية اليهودية الأمريكية على نحو واسع، بفعل تأثيرها في الولايات المتحدة والدول الأوروبية الغربية الموالية. على عكس ما يعتقد، في السنوات التي تلت استيلاء الجيش الأحمر على الرايخستاغ، كان الخطاب بشأن المذبحة لليهود (بالإضافة إلى العديد من الجماعات البشرية الأخرى على يد النازية) مختلفًا كثيرًا. في الواقع، كانت الإدانة بشكل محدد لما يُعرف اليوم بـ الهولوكوست بالحروف الكبيرة، تعتبر اتهامًا بالشبهة أنك شخص شيوعي، لأن النازيين العقائديين، بعد أن ندموا على أي تجاوز قاموا به، كان يجب إعادتهم إلى صفوف البورجوازية العالمية لكبح جماح المد الشيوعي الأحمر.
كانت الهيمنة البريطانية هي المظلة التي تم تحتها استعمار فلسطين من خلال معلمين مهمين، ليس رمزيًا فحسب، بل أيضًا أعراضًا. وهنا نريد تسليط الضوء على:
اتفاقات هافارا (أو النقل) بين الصهيونيين الألمان ونظام النازية، التي تم إنشاؤها 1933 واستمرت حتى 1939. من خلال هذه الاتفاقات، قام الصهيونيون بكسر حصار اليهود للدولة الرابعة (الرايخ) وفي هذه الاتفاقات تعاونت السلطات الصهيونية والوطنية الاجتماعية لاستعمار فلسطين باليهود الأوروبيين.”
“كان كل منهما متفقًا أيديولوجيًا على أن اليهود الألمان لا يمكن أن يكونوا ألمانًا، لذا قاموا بتزويد هؤلاء المستوطنين بالوسائل في الوقت الذي تخلص فيه الرايخ من المواطنين غير المرغوب فيهم واستفاد من ذلك اقتصاديًا. وانضم عدد كبير من اليهود الألمان لمشروع استعمار فلسطين على متن سفن رفع عليها شارة النازية، ونظمت الجماعات المؤيدة للحزب الوطني الاشتراكي الألماني (SA) معسكرات لتدريب الشباب الصهاينة على الجانب العسكري لإعدادهم لمهمتهم.
استمر التعاون الصهيوني في ممارسة العنف ضد الجاليات اليهودية في بلدانهم الأصلية مما أدى إلى تركهم لأوطانهم بفعل الإرهاب والتعاون في استعمار فلسطين. كانت جنوب إفريقيا العنصرية البيضاء أيضًا تلك الحليفة الأكثر تميزًا. وكمعلومة تاريخية، نشير إلى أنه عندما يتم تصوير محاكمة المجرم النازي الشهير “أيخمان” من قبل الكيان الاستعماري ‘إسرائيل’، يجرى تجاهل حقيقة أنها كانت المرة الثانية التي يزور فيها فلسطين. لقد سبق وسافر “ايخمان” أول مرة لمراقبة الاتفاق مع الصهاينة، غير أنه لم يستطع التحرك من الطائرة، بسبب معارضة البريطانيين.
منعطف أخر يجب أن نشير إليه هي الفترة القصيرة أثناء الحرب العالمية الثانية عندما لم تدعم لندن تمامًا المستوطنين، في محاولة لعدم تحفيز حركة تحرر وطني عربي تمثلت في اندلاع الانتفاضة الكبرى 1936-1939 خوفًا من أن تستفيد منها قوى المحور. تلك الإجراءات التي تستهدف تقييد الاستعمار أدت إلى تحول الجماعات الإرهابية المستوطنة ضد حماتهم من الانجليز في هجمات عنيفة وأعمال عسكرية. وخلال تلك الفترة، حاولت العصابة الإرهابية الصهيونية المعروفة بـ “ليحي” استعادة التحالف مع النازيين.
مع ذلك، تصاعدت التناقضات طوال فترة الحرب ولم يحصلوا على دعم فعّال من هتلر. وخدمت تلك الفترة القصيرة المستوطنين في تعريف أنفسهم بأنهم “حركة تحرر وطني” ونتيجة لمواجهتهم القصيرة مع السلطات البريطانية، نالوا تعاطفًا من الأحزاب والمنظمات الثورية في أوروبا. وإلى اليوم، هناك أشخاص متعلمون يعتبرون الصهيونية شيئًا إيجابيًا وتحرريًا – للأسف- وأصبح مع مرور الوقت منطقاً منحرفًا.
استند هذا الدعم أيضًا إلى تفسير بليد لأساليب نهب الأراضي في شكل كومونات، وما يسمى “الكيبوتس” حيث قرر الغزاة، بعد سرقة الأراضي الفلسطينية ومواردها، تقاسم الممتلكات فيما بينهم. كانت هذه المواجهة بين الأشقاء، بين المستعمرين البريطانيين والمستعمرين الصهاينة قصيرة، وبعد ذلك واصل الإمبرياليون البريطانيون دعم الاستعمار.
ولأن القوى الأوروبية كانت في معظمها كارهة لليهود، أغلقت حدودها أمام لاجئيي الحرب، فاضطر العديد من الأوروبيين اليهود وحتى غير اليهود إلى استعمار أرضنا أيضًا بسبب الظروف وليس الاقتناع. عمليًا، الاتحاد السوفييتي كانت البلد الوحيد الذي فتح أبوابه لهؤلاء اللاجئين، على الرغم من أنه دعم في البداية المشروع الاستعماري في خطة تقسيم فلسطين 1947 (خطة الأمم المتحدة التي تتألف بشكل أساسي من الإمبرياليين وأتباعهم) والاعتراف بالدولة الصهيونية 1948. وبهذا يكون الإقرار بحكم الأمر الواقع بتبعات ونتائج النكبة.
بعد ذلك بوقت قصير، لم يترك تطورالتناقضات مجالًا للشك في أن الطبيعة الاستعمارية للمشروع الصهيوني ستنتهي دائمًا بالتحالف مع الإمبريالية وليس الاشتراكية، بغض النظر عن هؤلاء الذين ينتمون إلى الأدبيات الماركسية أو شبه الماركسية الذين يشاركون في نهب الأراضي الأصلية وانتهاكها. بالتالي، قام الاتحاد السوفيتي بتغيير موقفه ودعم الشعب الفلسطيني وقواه التحررية بشكل كبير.”
حكاية أخرى يمكن أن تُظهِر أهمية الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى الدعم المباشر للمجموعات الفلسطينية، هي أنه عندما كانت إسرائيل تشم رائحة الهزيمة وأمرت جولدا مائير باستخدام القنبلة الذرية ضد العواصم العربية في بداية حرب أكتوبر 1973، قام الاتحاد السوفيتي بوقف تلك النوايا المجرمة عن طريق تحليق طائرات الـ ميج 25 فوق تل أبيب ست مرات. وبذلك، أظهرت أنها سترد على العدوان ويمكنها التحليق فوق المجال الجوي للكيان الصهيوني حينما تشاء دون عقوبة. وكانت طائرات الميج 25 لا تصل إليها القوى العسكرية للدول الإمبريالية في تلك الفترة
. النكبة هي الكارثة والتطهير العرقي الكبير وسرقة الأراضي التي قام بها الغزاة الذين أسسوا دولة ‘إسرائيل’ في 1948. كما تم تدمير الجهاز العصبي للمجتمع الفلسطيني وتحويل معظم شعبنا إلى لاجئين. مع ذلك، فإن النكبة هي عملية غير منتهية، ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، ليس فقط لأن الشعب الفلسطيني لم يسترد حقه، ولكن أيضًا لأن تراكم الاستبعاد للسكان الأصليين والمذابح والمحاكم العسكرية والتعذيب والقمع ما زالت مستمرة.
إن الأسباب التي يستند إليها الصهاينة لتبرير استعمار فلسطين على الصعيدين الأيديولوجي والتاريخي متغيرة ومتناقضة للغاية. تستند على فكرة إن تقرير المصير “الوطني” المفترض يعتمد تقليديًا على مقولة الشتات الأسطوري الذي حدث بعد تدمير الهيكل الثاني على يد سلالة فلافيان في الإمبراطورية الرومانية. ووفقاً لهذه الأسطورة، تفرّق اليهود في جميع أنحاء العالم، وظلوا طاهرين عرقياً، يتوقون للعودة إلى الأرض التي وعدهم الله بها في التوراة، أو في كتاب الخروج للمسيحيين. وعلى الرغم من أن هذا الإعتقاد لا يزال شائعًا بشكل أو بآخر، إلا أنها مسألة يتم تجاهلها بين الصهاينة المتعلمين لأنه ثبت تاريخيا أنها كاذبة. كما أن الأسطورة القائلة بأن جزءًا كبيرًا من اليهود ينحدرون من أصل بيولوجي مشترك لم تصمد طويلاً، فقد حدثت تحولات جماعية في العديد من المحطات التاريخية.
ونظرًا لأن التغييرات الدينية في التاريخ عادة ما تكون أكثر ارتباطًا بالمتغيرات في الهيمنة بدلاً من الاستبدال العرقي، فإن النظريات التي اعتمدت على ذلك قليلة الأثر. اعتقدت شخصيات واعدة في الصهيونية أيضًا ، مثل المستوطن البولندي “دافيد جرين” وهذا السيد جرين أو جرين سيكون زعيم صهيوني مشهور وأحد أبرز الشخصيات في مشروع الاستعمار الإسرائيلي. لقد استنتج مع مفكرين صهاينة آخرين، أن الذرية المباشرة للعبرانيين الفلسطينيين يجب أن تكون في الغالب نفس الفلسطينيين الذين يعملون اليوم في زراعة أراضيهم ورعي الماشية وما إلى ذلك في فلسطين. وكان من المفترض، بالنسبة لهؤلاء، أن يتخلى هؤلاء الفلاحين عن إيمانهم الإسلامي ويتعلموا كعبرانيين مخلصين ، مع ترك فالهوية العربية الحقيقية للطبقات العليا ، بشكل رئيسي الطبقات الإقطاعية. بعد التواصل مع هذه الجماهير العربية والتحقق من أنهم بصعوبة سيكونون عرضة لهذه الأفكار الواهية لمستوطنيهم ، يتظاهرون بعدم نشر منشورات في هذا الصدد ويحتفظون بقصة الاستبدال العرقي للحفاظ على أن الفلسطينيين هم أجانب في أرضهم الخاصة ، نتيجة “للغزو العربي لأرضهم الموعودة” وقام السيد جرين، مثل العديد من الأوروبيين الآخرين، بإضفاء طابع سامي على اسمه ليشعر وكأنه مواطن أصلي بينما كانوا يذبحون ويغتصبون الأشخاص الحقيقيين. هذا الشخص سيعرفه التاريخ باسم “دافيد بن غوريون” !
. على المستوى الليبرالي، يمكن العثور على جميع أنواع التبريرات المستمدة من المثقفين الأوروبيين المستنيرين وسلفهم الذين تم استخدامها بالفعل لتبرير الاستعمار والتراكم الأصلي. حتى في المستويات السطحية والهيمنة يتم تبرير وجودهم بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ، والتي يتم حمايتها فقط بواسطة أخلاقيات الجيش النباتي في العالم.”
للأسف، يقاتل الفلسطينيون منذ عقود من أجل التحرير الوطني، ولكن ما هي الأحداث أو الأفعال التاريخية في النضال الفلسطيني التي تود تسليط الضوء عليها؟
بدأت أول مواجهات ضد الاستعمار في أواخر القرن التاسع عشر، وازدادت مع مرور السنين. في العقد الأول من القرن العشرين، مع انفراج القمع العثماني، تأسست أول صحف مثل ‘فلسطين’ وبدأت المعارضة للاستعمار الصهيوني والهيمنة البريطانية في الانتشار. حتى قبل هذا الوقت يمكن تتبع المعارضة لهذا القمع في الصحافة والحياة الفنية، بعيدًا عن النزاعات الخاصة مع المستوطنات المحددة.
وفي 1929، عند حائط البراق في القدس، المعروف لدى الاستعمار باسم “حائط المبكى”، احتل الصهاينة المنطقة بحماية الاحتلال البريطاني وملؤها بالأعلام الصهيونية، مدعين أن الجدار ملك لهم. وقد أدى هذا العدوان إلى اندلاع الثورة التي عرفت باسم هبة البراق أو ثورة البراق. ثلاثة من قادة الانتفاضة الشعبية سيتم شنقهم من قبل الإمبرياليين البريطانيين: فؤاد حجازي كان يبلغ من العمر 26 عاماً من مدينة صفد؛ ومحمد جمجوم يبلغ من العمر 28 عاماً، من الخليل، وعطا الزير، 35 عاماً. وفي المجمل، كان هناك 26 حكمًا بالإعدام، لكن الضغط الشعبي نجح في تخفيف أحكام السجناء الآخرين إلى السجن مدى الحياة.
حدثت القفزة النوعية الثانية فترة الثلاث سنوات 1936-1939 المعروفة باسم الثورة الكبرى والتي قامت فيها القوات الفلسطينية بكبح جماح الاستعمار من خلال إطلاق إضراب وطني عام لمدة 6 أشهر. ومنذ ذلك الحين، أصبح الإضراب العام أحد العناصر الأساسية في الرّد الشعبي على الاحتلال. لم يمُر حتى الآن هذا العام شهر واحد لم تشهد فيه إضرابات عامة على مختلف المستويات في كافة أنحاء فلسطين.
لقد ذكرنا بالفعل أن اقترحت مخططات التقسيم في 1947 ، و 1948، قامت القوى الصهيونية بطرد 750،000 فلسطيني من منازلهم بدعم من البريطانيين باستخدام الإرهاب من خلال إبادة القرى بأكملها وارتكاب الاغتصاب وتدمير المباني وسبل المعيشة.”
وفي عدوان 1967، وما يسمى “حرب الأيام الستة” سيتم تعزيز الاحتلال الصهيوني، والحصول على الشرعية التي قد يفتقر إليها في أعين الإمبرياليين. إن الهزيمة العسكرية لجيوش بعض الدول العربية الفتية تكمل ترك الشعب الفلسطيني لمصيره، لكنها تعزز أيضًا الوعي بأن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع بالقوة. في هذه السنوات من الستينيات والسبعينيات، تستمر القوى الثورية في فلسطين، دفعًا من انتصارات الشعوب أمام بورجوازياتها وأمام الإمبريالية. تأسست حركة فتح والحركة القومية العربية، التي انتهى قادتها البارزون إلى تشكيل “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” ذات التوجه الماركسي اللينيني، إن إدارة وشرعية نضال التحرير الوطني الفلسطيني ستتولاها منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعادة تأسيسها 1968 .
عام 1970، كان عامًا مأساويًا بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها حركة فتح، حيث تم طردها من الأردن من قبل النظام الموالي للإمبريالية. لكن في الوقت نفسه، فإن العمليات الخارجية للجبهة الشعبية وعلاقاتها الأممية ستشكل ما قبل وما بعد.
سيتم تشكيل منظمات ثورية مسلحة من جميع أنحاء العالم مع الفدائيين والشيوعيين الفلسطينيين سيؤدي إلى التعاون في تدريب وتحضير نشطاء من فرقة “الجيش الأحمر الألماني” وقتال واستشهاد بطولي مقاتلي الجيش الأحمر الياباني فوق أرض فلسطين (عملية مطار اللد) والتعاون الوثيق والتدريب مع جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية والصداقة مع اليمن الاشتراكي وكوبا وفيتنام، وغيرها. ومن خلال دعم استراتيجية جلب الصراع إلى قلب الإمبريالية، تجدد الصراع المسلح في أوروبا بعد سحق المليشيات الحمراء على يد الجيوش المتحالفة وإنشاء الديمقراطيات الاجتماعية لوقف الاشتراكية وتم تغطية حركات كبيرة للجماهير ضد الإمبريالية والصهيونية.”
في 1982، جرى اجتياح بيروت واندلعت حرب لبنان. تم تشكيل هذا البلد الشقيق بطريقة طائفية مع حصص دينية في التمثيل بقرار من الإمبراطورية الفرنسية. بعد أن استقبل جزءًا كبيرًا من اللاجئين، وتحت ذريعة أنهم في الغالب مسلمون سنة ويمكن أن يقوضوا التوازن الطائفي، فما زال الفلسطينيون يعيشون تحت نظام الفصل العنصري في لبنان حتى اليوم.
وبعد طرد منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن، استقرت قوى الثورة الفلسطينية في بلاد الأرز، وهو ما سيستخدمه الصهاينة لتبرير غزو البلاد. وتمزق لبنان بقوة بسبب التفاوتات الاجتماعية والاستغلال، وتم استغلال ذريعة تجريم اللاجئين الفلسطينيين لإشعال حرب أهلية في سياق صراع الطبقات الاجتماعية حيث ستعلن القوى البورجوازية الموالية للإمبريالية والصهيونية مثل “حزب الكتائب” الفاشي حربًا على القوى الشعبية واليسارية المرتبطة بشكل وثيق بالفدائيين الفلسطينيين. وجرى ارتكاب مذابح مثل مجزرتي صبرا وشاتيلا (1983) وفي النهاية ستطرد منظمة التحرير الفلسطينية مرة أخرى إلى تونس، وهي في حالة تدهور وهزيمة مادية ومعنوية لجزء كبير من قيادتها القومية البرجوازية الصغيرة.
هنا تبدأ المأساة التي ستتوج بما يعرف باتفاقيات أوسلو مع استسلام منظمة التحرير الفلسطينية دون قيد أو شرط للإمبراطورية الامريكية والصهيونية، مع معارضة اليسار القليلة العدد بزعامة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. في 1993، تم توقيع هذه الخيانة ضد الشعب الفلسطيني، و هي نكبة جديدة بسبب تداعياتها الإضافية والمتراكمة، حيث لا تزال النكبة الأولى لم تنته بعد في أيامنا. وبالمقابل جرى استيعاب القطاعات البرجوازية التي ستنتقل إلى التعاون السافر، وسيتم إنشاء السلطة الفلسطينية كإدارة محلية تعمل على خدمة الاحتلال. وتعتبر السلطة الفلسطينية تجسيدًا لوكيل يمارس القمع وإخلاء طرف الاحتلال من المسؤوليات التي يفرضها القانون الدولي على القوى المستعمرة الاحتلالية.
بالتزامن مع هذه الأحداث، كان الشعب في داخل فلسطين يكتسب الوعي بأن مفتاح التحرير سيكون في أيديهم بشكل أساسي. ففي قطاع غزة، وفي القدس، وفي الضفة الغربية، وفي الأراضي المحتلة 1948 (إسرائيل)، لم تتوقف حركات المقاومة عن النمو تدريجياً، خاصة ابتداءً من السبعينيات والثمانينيات، بعد الهزائم المتتالية لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأردن ولبنان، بعد مواجهات بطولية واكتساب للوعي والخبرة كما سبق أن أوضحنا. وبينما كانت منظمة التحرير الفلسطينية، التي دمرت أخلاقيا بالفعل، في تونس تتفاوض مع الإمبريالية والصهاينة، في حين كان العديد من كوادرها وأفضل قادتها يُقتلون واحدا تلو الآخر، اندلعت الانتفاضة
. اندلعت هذه الانتفاضة الأولى المعروفة باسم انتفاضة الحجارة من الجماهير الشعبية المنظمة ذاتيا على الأرض في 1987 واستمرت حتى 1991 بينما ألقت القيادة البرجوازية سلاحه. وهكذا نصل إلى اتفاقيات أوسلو التي سنقوم بمناقشتها لاحقًا.
سيأتي الرد على اتفاقيات أوسلو أيضًا من الجماهير الشعبية على شكل انتفاضة ثانية، وهذه المرة بالإضافة إلى الحجارة ستكون مسلحة بشكل متواضع مقارنةً بالإمكانيات العسكرية للاستعمار الصهيوني ولكن كما قيل في أغنية كانت تُغنى على ضفاف نهر الإبرو، “لا يمكن للقنابل الفعل شيئًا عندما يكون هناك قلب كبير”. وبهذا سيستمر التصعيد ضد الاحتلال بين عامي 2000 و2005. أمام ضغط المقاومة، اضطر الكيان الصهيوني إلى الانسحاب من قطاع غزة وفكك المستعمرات منه، ومقايضة ذلك الجزء من فلسطين بالحصار العسكري جواً وأرضاً وبحراً. وبشكل دوري، تشن حملات عدوانية مطولة من الإبادة والتدمير، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية وجرائم الحرب بجميع أنواعها: ضرب الأهداف المدنية، وتدمير البنية التحتية، والمدارس، والمستشفيات، ومؤسسات رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، ومحطات معالجة المياه، ومباني الأمم المتحدة، وأنظمة الطاقة… الخ.
وبالرغم من قدراتها المحدودة تستمر المقاومة داخل قطاع غزة في تطوير قدراتها الهجومية والدفاعية، مما يجعل القوات الاستعمارية تضطر إلى إيقاف العدوان في وقت أقل كل مرة، بل وشل الحياة في الكيان واضطراره إلى إغلاق مجاله الجوي. وفي السنوات الأخيرة لم تجرؤ على الدخول في صراع مباشر ضد “حماس” حيث تم تنفيذ الهجمات الأخيرة بشكل أساسي ضد “حركة الجهاد الإسلامي ” الفلسطينية ومنظمات المقاومة الأخرى. على الرغم من عدم مشاركة “حماس” مباشرة في هذه المواجهات، إلا أنها وفرت الغطاء العسكري، وهناك تعاون عسكري كامل في الدفاع ضد الاحتلال. باستثناء بالطبع السلطة الفلسطينية في رام الله، التي كما أشرنا تخدم إسرائيل وتقاتل بكل ما أوتيت من قوة ضد الشعب الفلسطيني برمته، وتضطهده بشكل مباشر.
كما تعلمون جيدًا على مر العصور من تاريخ النضال الفلسطيني، كانت هناك منظمات مختلفة قد قاتلت ضد دولة إسرائيل. ما هي أهم هذه المنظمات؟
حتى الثمانينيات، وعلى الرغم من وجود العديد من جماعات المقاومة، داخل منظمة التحرير الفلسطينية أيضًا، كانت المنظمات الأكثر صلة هي حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
الأولى، بقيادة ياسر عرفات، ظهرت كحركة وطنية في خضم حركات التحرر الوطني، ذات طبيعة تقدمية برجوازية صغيرة وبرجوازية، لكنها خلقت قاعدة شعبية كبيرة، وظلت بلا منازع القوة الفلسطينية الرائدة لعقود.
ومن الواضح أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي تشكلت في البداية على يد كوادر من حركة القوميين العرب تبنت مواقف ماركسية لينينية. بقيادة الثوري جورج حبش «الحكيم» أي الطبيب أو الحكيم، وشخصيات أخرى مثل المثقف والفنان والأديب غسان كنفاني، أو العبقري العسكري وديع حداد الذي مع وبفضل الوسائل المتاحة للجناح المسلح للجبهة تمكن من وضع الاستخبارات الإمبريالية تحت ضغط هائل وقام بتنفيذ عدة عمليات دولية في وقت واحد.
في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، ظهرت قوتين إسلاميتين بارزتين أيضًا. حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وجماعة الجهاد الإسلامي في فلسطين. كانت حركة حماس في الأصل مجموعة تتبع الإخوان المسلمين، ويقال أن حركة الأخوان تلقت دعمًا اقتصاديًا من إسرائيل بهدف تقسيم المقاومة. ومع ذلك، تطورت التناقضات الداخلية وحولت هذا الحزب الصغير والمتشدد إلى منظمة قوية ببرنامج وطني واجتماعي، وحصلت على دعم واسع من الشعب، وتتكون من جمعيات داخلية تمثل اتجاهات متنوعة مع توجه إسلامي واضح. في الوقت الحالي، ربما تكون هي القوة الأكثر شعبية وعددًا، وذراعها المسلح هو الأقوى في المقاومة.
وبالرغم من سيطرتها على قطاع غزة منذ انتخابها ديمقراطيًا 2005 فإنها منذ ذلك الحين تمثل العكس تمامًا للسلطة الفلسطينية العميلة في الضفة الغربية.
نحن نعارض بشدة نقل السياقات الأوروبية بشكل آلي إلى شعبنا، والتي غالبًا ما تؤدي إلى الخطأ نتيجة جمود المركزية الأوروبية، لكن بصفة عامة ودون أن يكون لها سابقة، يمكننا القول لتبسيط القراءة الغربية، أن حماس تمثل الجنرال دوغول الفرنسي المعادي للنازية ضمن مجموعة قوى المقاومة، في حين أن السلطة الوطنية الفلسطينية تمثل حكومة فيشي، مع بيتان العميل أبان الاحتلال النازي لفرنسا
حركةالجهاد الإسلامي في فلسطين هي جزء مهم من الحركة الفلسطينية للمقاومة، تتمتع بسمعة طيبة وشعبية كبيرة. اكتسبت الهيبة من خلال موقف متماسك ومتسق للغاية، وبفضل شجاعة واعتزاز أعضائها بالمقاومة في القتال وفي السجون. قد يثير اسمها الشكوك لدى قارئ معتاد على رؤية الأمور من خلال وسائل الإعلام الرئيسية والذين يحاولون فهم الأمور من منظور أوروبي محدد. مع ذلك، فإنها جزء مخلص من الثورة الفلسطينية، تقاتل جنبًا إلى جنب، على سبيل المثال، مع القوى اليسارية الفلسطينية.
ما هو رأيكم في ياسر عرفات؟
سنتفق على أن الظواهر التاريخية تستجيب لعمليات، ليست لـ “الرجال العظماء”. بعض الناس أسطروا ياسر عرفات إلى حد أنهم أرادوا جعله تجسيدًا لفلسطين إلى حد أن يرتبط مصير أرضنا بقراراته. مع بعض الأضواء والظلال، وما زال يتمتع بمكانة كبيرة داخل فلسطين، واعتقادًا بأن الشخص في النهاية ليس أكثر مما يفعله في كل لحظة من حياته ، لقد كان في البداية القائد الرئيسي للثورة، ثم قائدًا مهزومًا، ومع ازدياد عزلته، أصبح خائنًا أعمى الكبرياء، تائبًا عن غطرسته، وأخيراً شهيدًا. ومع ذلك، اعتبرت إسرائيل أنه خطير بما فيه الكفاية لاغتياله. كما توقعوا، يعمل محمود عباس بشكل أفضل بكثير بالنسبة لهم؛ لهذا السبب لم يحاولوا أبدًا اغتياله عندما كانت لديهم الفرصة.
ما هو رأيكم في اتفاقيات أوسلو عام 1993؟
إن اتفاقيات أوسلو هي كارثة تعادل النكبة التي يرعاها الفصيل القيادي في البرجوازية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. هؤلاء الانهزاميون، و/أو الخونة، اعترفوا بدولة “إسرائيل”، وتخلوا عن الشتات الفلسطيني الذي يشكل اليوم أكثر من نصف الشعب الفلسطيني، وأجروا صفقات مع البورجوازية الاستعمارية للبحث عن مصلحة شخصية أو أفضل من ذلك، وباسم “السلطة الوطنية الفلسطينية ” السخيف أصبحوا إدارة لشؤون السكان الأصليين في خدمة الكيان الصهيوني.
ومنذ ذلك الحين والأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني تتدهور باستمرار دون أي تحسن متوقع، وجزء كبير من كوادر المقاومة يعتقلهم سجانون يحملون أسماء فلسطينية، والاستيطان يتوسع دون أي كابح سوى المقاومة الشعبية الصامدة والمتماسكة
. من الضروري حل السلطة الفلسطينية، التي من ناحية أخرى، أيامها معدودة، كما تقل شرعيتها الشحيحة بالفعل أكثر فأكثر كل يوم. ولا بد من الإشارة إلى أن هناك طريقاً للأمل، إذ يوجد داخل أجهزة الشرطة وسلطات القمع العديد من الفلسطينيين ذوي الضمائر الحية الذين، عندما يستطيعون، يستغلون وصولهم إلى الوسائل المادية للقيام بأعمال المقاومة.
ما هو الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإسرائيل؟ وعلى وجه التحديد، ما هو موقف الحكومة الإسبانية من قضية فلسطين؟
إسرائيل” هي مستوطنة غربية أوروبية تقع في قلب المنطقة العربية (الشرق الأوسط) إذا استمرت في الوقوف، وهو أمر يصبح أصعب مع مرور الوقت، فهذا يعود إلى أن دعمها الكامل يأتي من قبل الغرب بقيادة الولايات المتحدة. هذا الدعم كان دائمًا جليًا وواضحًا من حيث الموارد والتمويل، ويتم تخفيفه فقط في بعض الأحيان من خلال الخطاب الرسمي عندما تكشف جرائمها بشكل منتظم أمام ما يسمى بالرأي العام، حيث يجب عليها اللعب بورقة النفاق باستمرار والإشارة إلى قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان
. إسبانيا تعهدت في الأوقات الانتخابية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكنها لم تفعل ذلك حتى الآن، وربما لن تفعل ذلك في الوقت الحالي. تقلل الدعم الاقتصادي للشعب الفلسطيني بشكل متزايد. على العكس من ذلك، العلاقات مع الكيان الصهيوني ممتازة، ويمكن لجهاز المخابرات الصهيوني التحقيق بحرية في مقرات الحرس المدني الإسباني أو تهديد الطلاب بأسلحة نارية في جامعة كومبلوتنس في مدريد دون أن يحدث أي شيء.
مع ذلك، الدولة الفلسطينية لا توجد ولا يمكن أن توجد في الظروف الحالية. نحن نرفض دولة فلسطين التي لا تضمن حق العودة لجميع اللاجئين إلى أماكن منشأهم، وهذا لا يتفق مع مشروع الاستيطان الصهيوني بأي حال من الأحوال. وبالتالي، نعتبر أن الاعتراف بفلسطين، إذا لم يكن في جميع أراضيها في الواقع، فإنه لا يزال مجرد الالتزام بالاستعمار الصهيوني مع بعض التجنبات. هذه ليست شروطًا بل حقاً ، لأن مشروع الاستيطان الصهيوني بطبيعته لا يمكن تقييده وسيظل يسعى بالضرورة للتوسع. علينا أن نتذكر أنه بالإضافة إلى احتلالها للأراضي الفلسطينية، فإن “إسرائيل” أحتلت سابقا أيضًا أراضي مصرية و تحتل أراضي سورية ولبنانية حتى اليوم
يُفترض أنكم على دراية بأنه في العقود الأخيرة، استُخدمت في الغرب حجة أن منظمات مقاتلة في فلسطين هي منظمات إسلامية متطرفة للتشكيك في نضال الشعب الفلسطيني ولجعل الناس يرون استقلال فلسطين بعين سيئة. ما هو ردكم على هذه الاتهامات؟
باعتبارنا صوت شعوب مستعمرة في المركز الإمبريالي، والذي يعتبر أيضًا العاصمة الجماعية لـ “إسرائيل”، علينا أن نناضل على محورين:
العامل الرئيسي هو التحرر بوسائلنا الخاصة، والثانوي، لكن بنفس القدر من الأهمية، مثل تخصيب البيضة وحضانتها، هو العمل مع القوى اليسارية والتقدمية داخل المركز الإمبريالي، والتي غالبًا ما تكون غير قادرة على القطيعة التامة مع السلطة. والرؤية البرجوازية الاستعمارية.
إليكم بعض الصور: تفسير الدين من الغرب في سياقنا، سواء من المواقف الليبرالية الصريحة أو المتأصل في أدوات ما بعد الاتحاد السوفييتي، هو أمر عقائدي. صورة ثابتة، يغذيها “التنوير” البرجوازي، وليست شيئا يخضع للديالكتيك المستمر نتيجة العلاقات الاجتماعية التي تعطيها شكلها في التحليل الملموس للوضع الملموس.
لا يمكننا أن ننتظر حتى تنفصل القوى التقدمية، واليسار، والأحزاب الماركسية في أوروبا عن الإرث الاستعماري بالكامل قبل نسج التحالفات. إن النضال الثوري للشعب الفلسطيني ليس خطة للغد، بل نضالاً يخوضه الآن. وكما ناشد الإخوة الفيتناميون القوى التقدمية في فرنسا في الخمسينيات، فإن الشعب الفلسطيني يناشد “يسار الوسط” الإمبريالي في هذا الوقت. علينا أن نواصل التقدم على هذه الجبهة لإضعاف العدو الذي يحاربه شعبنا بالسلاح في هذا الوقت.
إن أولئك الأكثر تعلقاً بالإيديولوجية البرجوازية الصغيرة لحقوق الإنسان وغيرها يمكن أن يساعدونا كثيراً في مقاطعة الكيان الصهيوني. من خلال إدانة انتهاكاتهم الأكثر دموية، وتشجيع مؤسسات الديمقراطيات البرجوازية الأوروبية على قطع العلاقات الاقتصادية والثقافية والرياضية، فمن الممكن أن يلحق الكثير من الضرر بالقضية الاستعمارية. يجب ألا ننسى أن الصراعات التي تعيشها المستعمرة “إسرائيل” اليوم لها علاقة كبيرة بحقيقة أن جزءًا مهمًا من المستعمرين وجزءًا أكثر أهمية من نخبهم يعرفون أن جدوى الاستعمار تعتمد على أنفسهم. – التصور والقبول كديمقراطية برجوازية قابلة للإدماج والقبول والتكامل مع الدول البرجوازية الغربية.
ومع ذلك، فقد ارتكبت حركات التضامن مع فلسطين في السنوات الأخيرة خطأً كبيراً عندما اختزلت النضال في الخارج إلى هذا الحد. يجب أن يكون جزءًا حيويًا من الاستراتيجية في المركز الإمبريالي البحث عن الطلائع الراغبة في التغلب على الرؤية الاستعمارية وجلب التحليل المادي لنضالنا إلى هذه المساحات والتحالف معها، ولسوء الحظ لوقتنا وصبرنا، غالبًا ما نفتقد ذلك. في كثير من الأحيان يجب تقديم هذا بشكل جاهز.
في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، كانت الكاثوليكية تركز بشكل أساسي على دور المرأة، ولهذا السبب كان هناك تردد في مناطق من اليسار بشأن حق النساء في التصويت في تجربة الجمهورية. وبعد انتصار فرانكو، ستتغير دور الكاثوليكية لعقود طويلة، مع تأثيرات على جميع الأصعدة ناتجة عن التآمر بين الرجال الدين والنظام.
إذا تابعنا خيط الرهبان لكن قليلاً إلى الشمال أكثر، في أيرلندا العزيزة، ستكون القراءة تمامًا مختلفة. إنه نفس الثالوث، نفس الطقوس مع النبيذ، لكن العلاقات الاجتماعية مختلفة. الكريسماس لا يبنى هنا ضد الآخرين من المسلمين واليهود وبعد قرون من ذلك، الشيوعيين. بل يمكن أن يكون لها شكل تخريبي ضد المستعمر، على عكس التاج الإسباني الذي يستخدمه للاستعمار.
في أمريكا المستعمرة، كان هناك رجال من الرهبان، ونساء مسيحيات، أخذوا السلاح من أجل الاشتراكية دون إخفاء الإنجيل. هناك العديد من الكنائس والدعاة البروتستانتيين الذين كانوا مرتبطين دائمًا بحكم الطبقة الرأسمالية وحاولوا تحويل الملايين من المسيحيين المخلصين إلى التفكير الليبرالي وحتى الصهيوني، لكن هناك أيضًا كنائس بروتستانتية دعمت دائمًا الفهم الشعبي وحركات الشعب. إنه نفس صليب المسيح، لكن العلاقات الاجتماعية مختلفة
ما هو إسلامي متطرف؟ وما هو إسلامي غير متطرف؟ لا يوجد لدينا إجابة، ويمكن أن يمتلكها فقط البرجوازي. إذا كنا نسعى لتجاوز الأمور السطحية، فإن هذه مجرد كلمات فارغة. ليست فارغة تمامًا نظرًا لأن الفضاء مليء بمجموعة متنوعة من الأحكام الاستعمارية والعنصرية. لا علاقة لها بين السلفي المصري في 2023 الذي يعتني بالقضايا الروحية بناءً على قناعاته الدينية ولا يشترك بنشاط في العلاقات المادية للسلطات التي تدير أمور العالم، معتقدًا أن الله عظيم سيرتب الأمور، وبين الشيخ الوهابي الذي يشارك في الحروب والسياسة باستخدام ملايين الدولارات لتمويل مجموعات مسلحة في بلد ما.
العنصرية متجذرة جدًا في الغرب، بحيث إذا رفعت مجموعة من المرتزقة راية إسلامية، فإنهم لا يحتاجون إلى دقيقتين ليستنتجوا أن الجرائم هي نتيجة مباشرة لديانتهم. كلما زادت جريمة القتل، زاد إسلاما. إسلامي متطرف: إرهابي. وإسلامي معتدل: مشبوه، ومفيد للغرب، أو مزيج متغير من الاثنين.
على سبيل المثال، إذا أراد مسلم مؤمن أن يتخذ قرارًا في حياته ولم يكن متأكدًا مما إذا كان هذا الفعل مسموحًا به أم لا وفقًا للعقيدة الإسلامية، فيمكنه استشارة مجموعة من علماء المذاهب الإسلامية. ومن الشائع أن هؤلاء الفقهاء لا يتطابقون، حتى لو كانوا من أهل السنة ويعيشون في مجتمع واحد. ناهيك عن العدد الهائل من الديانات المختلفة التي يتضمنها المصطلح الغربي “الإسلاموية”. لا يوجد الكثير من القواسم المشتركة بين التشيع في بلاد الشام أو شبه الجزيرة العربية مع إيران، حيث أنه دين الدولة في حالة الأخيرة. لكن المتمركز في الغرب، وريث الاستعمار وأيديولوجياته، يعتقد أن المسلم شيء راكد، جامد، غير قابل للتأويل، ثابت.
الفئة الأكثر استفادةً من الاستعمار والعدو الصهيوني بشكل خاص على دراية تامة بهذا ويستفيدون منه بشكل كبير، وهذا يمتلك جذورًا قوية حتى في اليسار الراديكالي في الغرب.
تُقسم المقاومة الفلسطينية تقليدياً إلى قوى إسلامية وقوى وطنية. من بين القوى الإسلامية الرئيسية تشمل حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بينما تشمل القوى الوطنية حركة فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية. لكن معظم منتسبي ومنتسبات القوى الوطنية يعتنقون الإسلام. ومن الأقلية التي لا تعتنق الإسلام، فإن معظمهم مسيحيون من فروع مختلفة، حيث تعد الكنيسة الأرثوذكسية الأكبر في فلسطين.
ليس علينا الدفاع عن حقيقة أن معظم أفراد شعبنا الذين يقاتلون ويكونون معتقلين أو جرحى أو شهداء في سياقنا الحالي هم مسلمون. بل ينبغي للشخص المعلن نفسه على أنه شيوعي أو يساري أو ديمقراطي جذري غربي أن يتأمل لماذا يعتقد أن لديه الحق في الحكم على الشخص المحروم الذي يحارب ضد من ينهب ويتجمع بالأرض وحياة شعب بأكمله. يجب عليهم أن يشرحوا لماذا لا يقدمون دعمًا كبيرًا لثورة تهدف إلى عودة المحرومين بالملايين إلى أماكنهم الأصلية، ما يمثل ضربة مميتة للملكية الخاصة.
شعب يعيش بفضل صمود المجتمع، ويؤمن بالمشترك، ويتدبر، وينظم، ولا يستسلم رغم كل العوائق، رغم الفردية الرأسمالية. شعور يتجاوز الهوية الفردية، ويجعل الشخص يدرك أنه يمثل قضية شعب بأكمله عندما يواجه أحد أقوى الجيوش في العالم بسلاح محلي الصنع. أو عندما يستخدم الصمود – قوة ولكنها تعبير قوي عن شعور مجتمعي، عن مشاركة مصير، عن كونه مجرد نبتة على غصن شجرة شعبنا وقضيته – ليعلم أنه ليس وحيدا بينما يتم تعذيبه وتقييده في قبو مظلم.
إن المثقفين البرجوازيين الفلسطينيين، المؤيدين للاعتراف بـ “إسرائيل”، ولكنهم أيضاً ضد أوسلو بسبب ضررها البالغ، ما زالوا يعتقدون أن أهم شيء بالنسبة للقضية هو التصور الذي لدى المجتمعات الرأسمالية الغربية عنها. على أمل أن تضمن لنا الإمبريالية، من خلال كسب التعاطف، قطعة أرض وتحمينا. ودون أن نترك جانبًا حقيقة أن الدعاية جزء مهم من أي صراع، فهي استراتيجية سخيفة تمامًا، وحتى تحقيق الأهداف سيشكل هزيمة واستمرارًا ضروريًا للنضال.
المتهمون وأولئك الذين ينظرون بعيون حاقدة إلى نضالنا يجب عليهم الاتصال بهؤلاء السادة ليملؤوا آذانهم بالإشادة ويهدؤوا ضمائرهم أثناء التعبير عن آرائهم من الأرائك المريحة.
في النهاية، هل تعتقدون أن مواطني إسبانيا مدركين لما يعانيه الشعب الفلسطيني؟ هل ترون أن الإسبان يظهرون تضامنا كافيًا مع فلسطين؟
بدون إحصائيات في متناول اليد، يبدو أن مجتمع هذا البلد يُظهر درجة ما من الحساسية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني. إن التضامن شبه البديهي منتشر على نطاق واسع. وبطبيعة الحال، دائما تقريباً مع العديد من الفروق الدقيقة الناجمة عن الجهل، أو رؤية أوروبية المركز. كما نقول دائمًا، إن نضالنا يدور في العديد من الجبهات في وقت واحد، ولكي نحقق الانتصارات يمكننا الاعتماد على الأشخاص الذين لا يدعموننا تمامًا ولكنهم يدعمونا في بعض القضايا. لذا، أن تكون ضد قتل مئات الأطفال الفلسطينيين في أسبوع لا يعني بالضرورة أنك مؤيد للفلسطينيين. على الرغم من ذلك، فإن المشاركة في تظاهرة تدين ذلك قد تكون مفيدة.
وبنفس الطريقة، إذا قامت شركة بسحب استثماراتها من ما يسمى بالمستعمرة غير القانونية، فإننا نساهم أيضًا في المقاومة الفلسطينية. ومع ذلك، يجب أن نوضح للطلائع أن هذه ليست أكثر من تحيزات، وأنه يجب الذهاب إلى جذور المشكلة. إذا أقمنا نضالنا على هذه الأهداف الغامضة، فلن نحرر فلسطين أبدًا، ولن نجعل الثورة حقيقية : أي ; من الشعوب المضطهدة.
تم نشرها بالاصل في موقع الكوكب الاحمر باللغة الاسبانية. https://www.redplanetablog.com/copia-de-junio-2023