تستهدف “صامدون” مُجدداً

المانيا تشن حَرباً “قانونيّة” على الفلسطينيين وأنصار المقاومة

(تقرير خاص – ربيع الصفدي و أريج المناصرة)

أعلنت “شبكة صامدون للدّفاع عن الأسرى الفلسطينيين” اليوم السبت انطلاق حملة أوروبيّة ودوليّة لِمناهضة القمع والعنصرية في ألمانيا، تؤازرها وتشارك فيها – حتى كتابة هذه السطور – نحو 150 منظّمة وحزب وجمعيّة حول العالم، مُعلنةً رفضها لاستهداف اللاجئين الفلسطينيين في أوروبا، ومُنسق الشبكة في ألمانيا، زيد عبد الناصر (28 عاماً) الذي دَرَس الهندسة الكهربائيّة وتخرج من جامعات ألمانيا ويعمل في برلين، حيث تحاول السلطات مصادرة إقامته القانونية بدعوى عضويته في “شبكة صامدون” و حركة “المسار الثوري البديل”

مواجهة مستمرة وحرب “قانونية” مفتوحة

في الثاني عشر من نيسان (إبريل) الماضي، وبعد تنظيمها مسيرة جماهيرية حاشدة شارك فيها أكثر من 1000 شخص، أصدرت “شبكة صامدون” بياناً حذّرت فيه من حملة عنصرية تواصلها أجهزة الدولة الألمانية على الشعب الفلسطيني والعرب اللاجئين في المانيا، وبخاصّة في مدينة برلين حيث يقيم نحو 90 ألفاً من الفلسطينيين (بعض الشبان يطلقون على العاصمة الألمانية: مخيم برلين).

وجاء البيان في سياق الرّد على محاولة جديدة للأمن الألماني وعدد من منظمات الحركة الصهيونية تهدف بحسب “صامدون” إلى “تجريم العمل الفلسطيني” بذريعة “نشر مقطع فيديو جرى تداوله بشكل واسع في وسائل الإعلام الألمانية، يحتوي على أخطاءٍ ومغالطات متعمّدة في محاولة لشيطنة المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة شعبية دعماً للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال”.

ما حذّرت منه “صامدون” وقع بعد أيام قليلة، إذ قامت الشرطة الألمانية بإصدار قرار يحظر كافة المسيرات والمظاهرات الداعية لإحياء “يوم الأسير الفلسطيني” الواقع في 17 نيسان (ابريل) من كل عام وتبعها حظر لمظاهرات ذكرى النكبة كما حصل قبل عام في 2022.

اعتبرت “صامدون” الحملة الأمنية والقمعية محاولة مكشوفة وجديدة من الدولة لخلق ذرائع واهية هدفها حظر المنظمات الشعبية الفلسطينية، ومنع مسيرات ومظاهرات “يوم الأسير الفلسطيني” وفعاليات “الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية المستمرة كما حصل في مايو (أيار) الماضي”.

وترى “صامدون” أن الدولة الألمانية تسعى إلى “حرف النقاش عن موضوع التظاهرات نفسه، أي جرائم الحرب والإبادة في فلسطين المحتلة التي تبررها وتغطيها الحكومة الألمانية وأحزابها السياسية، والتعتيم على جرائم الحركة الاستيطانية المتطرفة التي اجتاحت الضفة الغربية المحتلة، ودعوات الوزير الصهيوني”بتسلئيل سموتريتش” لاحتلال الأردن وفلسطين، وصولاً إلى الاعتداء الوحشي على المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك” بحسب مصادر الشبكة.

قلق اسرائيلي أوروبي مشترك   

مصادر سياسية وحقوقية في “بروكسل” وصفت منع الشرطة الألمانية مسيرات “يوم الأسير الفلسطيني” 2023 وإحياء ذكرى النكبة، وغيرها من إجراءات قمعية “تصعيد خطير غير مسبوق يستهدف صوت وحقوق اللاجئين الفلسطينين في أوروبا” وفي الوقت نفسه “تعبير عن قلق أوروبي إسرائيلي مشترك من تنامي صوت التيار الثوري الفلسطيني الذي يعتبرونه (خطيراً ومتطرفاً)”.

أشارت المصادر بالقول “في نهاية شهر آذار (مارس) الماضي حشدت المنظّمات الصهيونية في بروكسل عشرات الشخصيات الأوروبية والإسرائيلية، وعقدت مؤتمراً داخل البرلمان الأوروبي، حذرت فيه من “تنامي دور صامدون” واعتبرتها “أداة إيرانية” و “منظمة خطيرة يجب وقف نشاطها” كما وصفتها بـ “واجهة لـ حزب الله” وتشكِّل أحد “أذرع حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية في أوروبا”.

وكان الرئيس التنفيذي لـ”المنتدى القانوني الدولي” أرسين أوستروفسكي، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، ويصف نفسه أنه “صهيوني فخور” اعتبر في تغريدة له أن “شبكة صامدون وإيران وجهان لعملة جهادية واحدة” بحسب تعبيره.

وأضاف أوستروفسكي”قرار تصنيفهم كمنظمة إرهابية، سواء من قبل الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، لا ينبغي أن يتم على أنه خدمة لإسرائيل، ولكن لأن تجاهل الأمر إهمالٌ لا يغتفر وتهديدٌ أمنيٌ مباشر وواضح، بما في ذلك في الولايات المتحدة، حيث تنشط “صامدون” وتواصل جمع الأموال لتمويل نشاطهم الدولي”.

ورأى أن “هذه الشبكة أصبحت تُمثّل تهديداً أمنياً مباشراً وواضحاً لا لُبس فيه للاتحاد الأوروبي والمواطنين” وحثّ الاتحاد الأوروبي أن يتخذ “خطوات فورية لإدراج “صامدون” فوراً على قائمة الإرهاب كما فعلت إسرائيل في (شباط/ فبراير 2019)”.

عبد الناصر: نعمل على تعزيز نهج المقاومة والتحرير

أمّا زيد عبد الناصر فيعتبر “ألمانيا دولة عنصرية وحليفة للكيان الصهيوني تستهدف الأسرى والمقاومة واللاجئين وليس شخصاً بعينه” وأشار في العديد من الندوات والمقابلات الصحفية التي أجراها مؤخراً أنه “ليس الشخص أو الفلسطيني الوحيد الذي تقوم السلطات الألمانية بمحاولة تهديده بمصادرة إقامته، فهناك حالات كثيرة ومشابهة يتعرّض لها مهاجرين ولاجئين فلسطينيين وعرب وغيرهم” مُعتبراً ما يجري “هجمة منهجية ومدروسة، تقوم عليها الدولة ومؤسَّساتها الأمنية والسياسية بالتحالف مع الكيان الصهيوني وأذرعه في ألمانيا”.

ولا يخفي عبد الناصر مواقفه السياسية. يقول في مقابلة صحفية نُشرت مطلع الشهر الجاري على موقع “حركة المسار الثوري البديل” أن المطلوب “هو توسيع الالتفاف الشعبي حول نهج المقاومة، وتمكين جماهير شعبنا في المنافي من بناء أدواتها لتصبح قادرة على المشاركة في النضال، وهزيمة العدو الصهيوني في الخارج أيضاً” كما يرى العلاقة بين مختلف مكونات الشعب الفلسطيني في الوطن والشّتات “علاقة تكاملية في وجه تناقضنا الرئيسي ضد الاحتلال والحركة الصهيونية” قائلاً “من واجبنا أن نكون مستعدين للتخلي عن امتيازاتنا التي لا تقارن بتضحيات شعبنا في فلسطين المحتلة”.

استهداف للحقوق والهوية الفلسطينية 

بدورها قالت المنسقة الدولية لـ “شبكة صامدون” شارلوت كييتس “الدولة الألمانية تستهدف الفلسطينيين وهويتهم من خلال العمل على إقصائهم، وسلبهم صوتهم وحقوقهم، فإذا أرادوا الإقامة في ألمانيا فإن عليهم التملّص من روايتهم التاريخية بحسب شروط وسياسات ألمانيا العنصرية والمعلنة”.

وشدَّدت كييتس بالقول “ما يقوم به رفاقنا في برلين هو عكس ما ترغب به الدولة الألمانية، إنهم يقدّمون الحقيقة والرواية الفلسطينية في مواجهة الصهيونية وأكاذبيها، ويكشفون بنضالهم وإصرارهم عن جوهر السياسات الألمانية والأمريكية والأوروبية الراعية للاستعمار الصهيوني الاستيطاني في فلسطين  المحتلة”.

وتشير كييتس إلى أن “صامدون تعتبر نشاطها داخل الأوساط والتجمعات الشعبية الفلسطينية والعربية، في برلين وغيرها من المدن الألمانية، مسألة لها أهمية خاصّة، وذات صلة مباشرة في قضايا وحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وحقّهم في التنظيم والتعبير، ومواصلة كفاحهم من أجل العودة والتحرير”.

وأشارت كييتس إلى “موقف السفير الصهيوني في ألمانيا الذي يعتبر “السير في شوارع برلين يشبه السير في شوارع غزّة” كما قال في تصريحات منشورة له، ثم رأينا كيف أخذ الساسة الألمان تصريحاته كذريعة للانقضاض على اللاجئين الفلسطينيين، فقط لأنه شاهد صور وملصقات وأعلام فلسطينية في “نيوكولين” (حي في برلين ذو كثافة فلسطينية وعربية) ويافطات تشهد على جرائم كيانه المجرم، وتحمل صور الشهداء الأسرى وشعارات جدارية تدعو لإسناد المقاومة والحركة الأسيرة”.

سياسة صهيونية فاشلة

وكشف منسق “شبكة صامدون” في أوروبا، محمد الخطيب في شباط (فبراير) أن كوادر “صامدون” تعرّضوا خلال السنوات العشر الماضية لكل أشكال القمع والتضييق، بما في ذلك التهديد المباشر والإبعاد والترحيل، وصولاً إلى التهديد بالسلاح والضرب والاعتقال كما حدث في مدريد. وفي بلد مثل ألمانيا نواجه حملة صهيونية وفاشية مستمرة وممنهجة من التضييق، إضافة إلى أشكال متعددة من إرهاب الدولة”.

وأكد الخطيب على “فشل سياسة القمع والترهيب” مُشيراً إلى أنّ الذي يحدث هو “العكس تماماً، تتضاعف قوة منظمتنا وينتمي إليها عدد أكبر من الشباب إيماناً منهم باستمرار المواجهة ضد العدو الصهيوني وحلفائه” معتبراً أن “مجابهة الصهيونية في قلب أوروبا تشكل أحد أهم مصادر القوة لنضال شعبنا ومراكمة التأثير والفعل” بحسب قوله.

مقالات ومصادر ذات صلة

موقع صامدون

www.samidoun.net