كلمتنا في عيد المقاومة والتحرير:
25 أيار ذكرى الهزيمة الصهيونية والانتصار العربي الوحيد

في الخامس والعشرين من أيار/مايو عام 2000، كتب الشعب اللبناني، بمقاومته الباسلة والشريفة، واحدة من أنصع صفحات المجد في تاريخ الصراع العربي–الصهيوني. ففي ذلك اليوم، أُجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب ذليلًا من جنوب لبنان، دون قيد أو شرط، بعد نحو عقدين من الاحتلال، تاركًا خلفه عملاءه وسجونه ومواقعه المحصّنة. كان ذلك أول انتصار عربي حقيقي على الكيان الصهيوني المؤقت منذ نكبة 1948، انتصارًا سُجّل ببسالة المقاومين في الجنوب والبقاع الغربي وكل لبنان، انتصار الذين آمنوا أن الأرض لا تُسترد بالمفاوضات، ولا بالتطبيع، بل بالبندقية، والرؤية السياسية السليمة، والموقف الواضح.

إنّ عيد المقاومة والتحرير ليس مجرد “مناسبة” لبنانية محلية، بل هو محطة مضيئة في تاريخ فلسطين والأمة والإنسانية، أكّدت أن مشروع المقاومة قادر على الفعل وتحقيق النصر، وفرض المعادلات، متى توفّرت الإرادة الشعبية، والإيمان بعدالة القضية، والقيادة الثورية الحكيمة. لقد أثبت “حزب الله”، ومعه حركات المقاومة الوطنية، أن “إسرائيل” ليست قدرًا لا يُقهر، وأنّ الاحتلال يمكن أن يُهزم، لا بالتسويات العقيمة، بل بخوض معركة تحرّرية متكاملة. ولن يكون في وسع الاحتلال الادعاء بعد 25 أيار 2000 أنّ لديه جيشًا لا يُقهر!

جاء التحرير تتويجًا لتضحيات آلاف الشهداء، من مختلف الانتماءات والتيارات الثورية، الذين قضوا على مدى عقدين دفاعًا عن كرامة الأرض والناس، في مواجهة آلة الحرب الصهيونية المدجّجة بأحدث الأسلحة والمدعومة من واشنطن وعواصم الغرب. لم يكن الانتصار وليد اللحظة، بل ثمرة تراكم طويل لتجارب المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وللوعي الشعبي المتجذّر في المخيمات والقرى والبلدات الجنوبية، التي صمدت واحتضنت المقاتلين رغم القصف والتدمير والمجازر.

أما اليوم، ونحن نحيي الذكرى الخامسة والعشرين للتحرير، فإنّ الظروف أشد قسوة، والعدو أكثر توحّشًا، حيث تخوض غزّة والضفّة، ومعهما كل فلسطين، معركة مفتوحة ضد الإبادة الجماعية. وفي الوقت الذي يصمت فيه العالم، أو يتواطأ، تعود المقاومة لتكون الخيار الوحيد المجدي. وإنّ تجربة جنوب لبنان تُثبت أن المقاومة قادرة، حتى بأبسط الوسائل، على إرباك العدو، وإجباره على الانسحاب، بل وكسر هيبته التي حاول لعقود زرعها في وعي العرب. لقد جعلت هذه المقاومة الباسلة قوات العدو تقف عاجزة على الحافة الأمامية، غير قادرة على التقدم، في عامي 2006 و2024.

إنّ عيد التحرير هو رسالة لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، بأنّ ثمن الحرية لا يُقاس بالدماء فقط، بل بالإرادة السياسية، وبرفض الخضوع لمنطق التسويات المذلّة، التي يسعى النظام الرسمي العربي إلى تعميمها.

إنّ نصر أيار 2000 لا يزال حيًّا، يتجدّد كلّما وقفت المقاومة في وجه الاحتلال، وكلّما صدحت أصوات الأحرار في فلسطين واليمن والعراق ولبنان، وفي كل بقعة من هذا العالم تُقاوم الهيمنة والاستعمار. وهو نصر يُعلّمنا أن الشعوب، حين تمتلك البوصلة، وتكسر جدار الخوف، تُصنع المعجزات وتتغير المعادلات. فالمعركة طويلة ومريرة وصعبة، لكن نهايتها حتمًا تحرير فلسطين، كلّ فلسطين، وإزالة الكيان الصهيوني من أرضنا.

فلنحوّل هذه الذكرى إلى مناسبة لتعزيز خيار المقاومة، وإعادة الاعتبار للمشروع التحرّري العربي، في وجه كل أشكال التطبيع والتبعية. ولنجعل من دروس أيار منارةً للمستقبل، تضيء طريقنا، نستلهم منها الثبات، والوحدة، والتصميم على تحقيق النصر.

المجد للمقاومة…المجد لشهداء التحرير…والنصر لفلسطين.

حركة المسار الفلسطيني الثوري البديل

Share this
Send this to a friend