في معرض اجابته على مجموعة من الأسئلة التي وصلت إلى موقعنا، قال خالد بركات، عضو الهيئة التنفيذية لحركة المسار الثوري البديل، “إسرائيل تحفر قبرها بيدها، والمجازر الصهيونية المستمرة في غزّة لا تؤدي إلا إلى تسريع هزيمة الاحتلال”.
أجاب بركات:
“إنّ الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، والمستمرة منذ أكثر من 21 شهرًا، بما في ذلك القصف والتجويع والتدمير، قد فشلت في تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية للكيان الصهيوني، بل على العكس، زادت من عزلته العالمية وأشعلت موجات من الغضب الشعبي والرسمي ضده. “إسرائيل” تدخل الآن مرحلة من التدمير الذاتي بعد التدهور السياسي والاقتصادي الذي تعيشه، وانهيارها الأخلاقي الكامل بات واضحًا للجميع، ولن تنفعها أي حملات دعائية في إعادة إنتاج الأوهام حول طبيعة المشروع الصهيوني العنصرية والعدوانية والتوسعية”.
وأكّد أن “جيش العدو يواجه مقاومة فلسطينية قوية وموحدة، مستعدة للقتال لسنوات إن لزم الأمر. فقوى المقاومة الفلسطينية تواصل التصدي ببسالة لجيش الاحتلال عبر تكتيكات قتالية مرنة ومبدعة وجريئة على مختلف الجبهات، وهي تؤكد قدرتها على مواصلة هذه المعركة الطويلة بإرادة موحدة، وهو ما يرعب العدو، الذي فشل في كسر جبهة غزة الداخلية”.
وأشار بركات إلى أن “المفاوضات الحقيقية تجري بالنار في خان يونس وجباليا وبيت حانون، وشعبنا يثق بمقاومته التي تخوض معركة سياسية في الدوحة رغم كل الضغوط. وهم يعلمون أن ممثليهم من فصائل المقاومة لن يقبلوا شروط الاستسلام التي تحاول فرضها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وهم على يقين بأن صمودهم وثقتهم سيؤتيان ثمارهما”.
وأوضح: “واقع الميدان هو من يفرض الشروط، ومهما اشتدت الضغوط السياسية والإقليمية، فإن المقاومة هي التي تملك زمام المبادرة، وتتفاوض من موقع القوة والاستعداد للتضحية، مدعومة بتأييد شعبي واسع داخل وخارج فلسطين”.
وشدَّدَ على أن “المقاومة تصرّ على أن يشمل أي اتفاق انسحابًا كاملاً لقوات الاحتلال من قطاع غزة، ورفع الحصار، والإفراج عن مئات القادة والمناضلين من سجون العدو. ويجب على حركات التحرر وقوى التضامن مع الشعب الفلسطيني أن تصعّد دعمها لموقف المقاومة، ميدانيًا وسياسيًا، في هذه اللحظة الحاسمة التي يواجه فيها شعبنا الإبادة”.
كما قال بركات: “العدو الصهيوني يريد تصفية الأسرى الصهاينة لدى المقاومة، مع الإبقاء على قادة المقاومة والأسرى الفلسطينيين في السجون، وبخاصة ذوي الأحكام العالية”، مشيرًا إلى أن “المسؤولين الصهاينة لا يرغبون فعليًا بالإفراج عن الأسرى الصهاينة لدى المقاومة. وكل جولة تفاوض على صفقة تبادل تُظهِر ازدواجية العدو ومحاولته فرض شروط مذلة. لكن المقاومة تعرف قيمة أوراقها وتصرّ على الإفراج عن القادة والرموز الوطنية، وترفض أي صفقة لا تعكس توازن الردع ومكانة المقاومة”.
وفيما يخص الضفة الغربية، قال بركات: “عصابات المستوطنين المسلحة تتلقى الدعم الكامل وتُمنَح حرية القتل والسلب والاعتداء على الفلسطينيين وسرقة أراضيهم، وتتحرك بتنسيق مباشر مع جيش الاحتلال الذي ينفّذ اقتحامات واغتيالات يومية، ويغلق المدن، ويدمّر مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس”.
وتابع: “في ظل هذا الدمار، تواصل السلطة الفلسطينية في رام الله تقديم نفسها كخيار للعدو لما يُسمى ‘اليوم التالي’ في غزة، رغم أن المسؤولين الصهاينة يرفضونها مرارًا. هذه السلطة مرفوضة من قبل شعبنا أصلاً، واليوم التالي في غزة سيكون ملكًا لشعبنا، لا لأي جهة متواطئة مع الاحتلال. إن نتائج التنسيق الأمني بين السلطة و’إسرائيل’ تتجلّى في الدمار المتزايد في الضفة، فيما تواصل السلطة اعتقال المقاومين وقمع كل حراك لمواجهة الاحتلال. و’إزالة الذرائع’ للعدو لم تؤدِ سوى إلى تشجيع المستوطنين على تصعيد جرائمهم”.
وقال بركات: “العدو الإسرائيلي، وبدعم مباشر من إدارة ترامب، لم يترك لشعبنا أي خيار سوى طريق المقاومة. فالولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الأساسية عن الإبادة الجماعية الجارية في غزة. فمن صفقة القرن إلى تواطؤ الإدارات الأميركية المتعاقبة، لعبت واشنطن الدور الأكثر خطورة في تمكين الكيان الصهيوني من مواصلة جرائمه، ليس فقط من خلال الدعم العسكري، بل من خلال الحصانة السياسية التي توفرها الإمبريالية الأميركية وتمنع أي محاسبة دولية حقيقية”.
وأضاف: “كل صاروخ أميركي تُلقيه الطائرات الصهيونية على شعبنا في غزة يؤدي إلى مجزرة، وهذه الدماء الفلسطينية على يدَي ترامب ومن قبله بايدن. وكل صاروخ أميركي لا ينفجر، تحوّله المقاومة إلى مئة عبوة ناسفة. وبينما تُقصف غزة بالقنابل ‘الذكية’ الأميركية، تواصل المقاومة إعادة تدوير الذخائر وتحويلها إلى أدوات للرد، في مشهد يعكس روح التحدي والإبداع في مواجهة آلة القتل. وهذا الواقع يفضح شراكة واشنطن المباشرة في المجازر”.
كما أشار بركات إلى أن “الإمبريالية الأميركية لطالما رعت المشروع الصهيوني في المنطقة، لفرض أهدافها وإنشاء قاعدة استعمارية عسكرية ضخمة في قلب المنطقة، واليوم تعكس مواقف إدارة ترامب وأعضاء الكونغرس خضوعًا تامًا للوبي الصهيوني وللممولين أمثال ميريام أديلسون”.
وقال: “دونالد ترامب مجرد دمية بيد اللوبي الصهيوني، تتحكم فيه المنظمات الصهيونية كما تشاء، وهو نموذج لفساد يتجاوز حتى الرعاية التقليدية للكيان. السياسة الأميركية اليوم تعبّر عن أزمة الإمبريالية واحتقار سافر حتى لمصالح الشعب الأميركي، لصالح مشروع استيطاني استعماري مفروض على منطقتنا”.
وأضاف بركات: “الولايات المتحدة و’إسرائيل’ تريدان إعادة تشكيل المنطقة تحت شعار ‘الشرق الأوسط الجديد’، لكن الحقيقة أن التغيير جارٍ لصالح الشعوب، لا لصالح الأنظمة غير الشرعية التي تريد واشنطن وتل أبيب ترسيخها. والتطبيع مع العدو الصهيوني أصبح أبعد من أي وقت مضى، رغم كل محاولات تمريره بالقوة الخشنة والناعمة على حد سواء “.
وختم قائلاً: “انهيار مشاريع التطبيع الأخيرة، وتصاعد حركات المقاطعة والمقاومة الشعبية من الخليج إلى المغرب، يعكس تحولًا استراتيجيًا عميقًا في وعي الشعوب، التي لم تعد تقبل أن تُدار منطقتها عبر استعمار صهيوني مقنّع”.
وفيما يخص لبنان، قال بركات: “إذا كانت مزاعم نتنياهو عن ‘تركيع حزب الله’ صحيحة، فلماذا تعقد وزارة الخارجية الأميركية اجتماعًا مع 30 دولة للتنسيق ضد قدرات حزب الله المتنامية؟ هذا هو الاجتماع الرابع عشر من نوعه منذ 2014. ولماذا لا يزال شمال فلسطين خاليًا من المستوطنين حتى اليوم؟”
وأضاف: “التناقض الصارخ بين رواية النصر الصهيونية والوقائع على الأرض يكشف عن أزمة ثقة داخل المؤسسة الأمنية الصهيونية. فشمال فلسطين مُحتل عسكريًا لكنه محرّر من المستوطنين بفضل قوة الردع التي يمتلكها حزب الله، واستمرار المواجهة على الجبهة اللبنانية، التي تحظى بدعم شعبي متزايد مع كل خرق صهيوني جديد”.
أما عن اليمن، فقال بركات: “القدرات العسكرية اليمنية اليوم كفيلة بإحراق كل منشآت النفط في المنطقة. وعلى الشركات الغربية التي ترسل سفنها إلى موانئ فلسطين المحتلة أن تفهم بأن اليمن لا يمزح في فرض حصاره المناهض للإبادة، ويجب عدم اختبار مواقف وصبر الشعب اليمني، فثمة مرحلة جديدة من التصعيد قادمة لن تكون في مصلحة أوروبا”.
وأضاف: “صنعاء تعيد رسم حدود الصراع من أجل السيادة والتحرر، وما كان يُنظر إليه كتهديد رمزي بات واقعًا ميدانيًا يُربك حسابات الغرب. وإذا استمر العناد والدعم الغربي للاحتلال، فإن ردّ اليمن سيتجاوز البحار، وستدفع أوروبا الثمن الاقتصادي والسياسي لجرائم الإمبريالية”.