في ظل المجازر المستمرة التي يتعرض لها شعبنا في غزة، وحرب الإبادة والتجويع، ووسط حالة الانهيار السياسي والأخلاقي التي وصلت إليها قيادة “السلطة الفلسطينية”، خرج محمود عباس مجددًا بدعوة لإجراء “انتخابات” لما يُسمى “المجلس الوطني الفلسطيني” قبل نهاية العام 2025، في محاولة مفضوحة لإعادة تدوير شرعية ميتة، وإحياء مؤسسة فارغة فقدت صلتها بالشعب وبالمشروع الوطني الفلسطيني منذ عقود.
إننا في حركة المسار الفلسطيني الثوري البديل نرفض بشكل قاطع هذه الدعوة التي تأتي في توقيت خطير، يُراد من خلاله شرعنه المزيد من التنسيق الأمني، وتكريس سلطة حكم ذاتي وظيفي تحت الاحتلال، وتلميع واجهات بيروقراطية فارغة، على حساب دماء الشهداء وصمود المقاومة وكرامة شعبنا. إنّ المجلس الوطني الذي يدعو له محمود عباس لا يمثل الشعب الفلسطيني، لا في الداخل ولا في الشتات، ولا يعكس تطلعات أجيال من المنفيين والمحرومين والمناضلين في ساحات المواجهة والمخيمات وسجون العدوّ الصهيوني.
إنّ الأولوية الوطنية العاجلة اليوم ليّست في عقد مؤتمرات شكلية ولا في تلميع مؤسَّسات فقدت شرعيتها منذ زمن، بل في وقف حرب التجويع والإبادة الجماعية التي تستهدف شعبنا في غزة منذ ما يقارب العامين، وفي كسر الحصار الوحشي الذي يُفرض عليه بتواطؤ إقليمي ودولي، وفي دعم المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تُجسد وحدة شعبنا وإرادته الفولاذية في المواجهة والصمود. فكل جهد وطني يجب أن يُكرّس الآن لحماية شعبنا من الإبادة والتطهير العرقي، وليس لإعادة إنتاج نخبة فاسدة تدير مشاريع التنسيق والتعاون مع كيان العدوّ.
تدرك جماهير شعبنا الفلسطيني عبر تجربتها المريرة أن هذا “المجلس” الصوريّ تحوّل على يد القيادة المتنفّذة إلى أداة لتكريس الاستسلام والفساد والاحتكار، بدلًا من أن يكون برلمانًا للثورة والمقاومة وصوتاً لكل شعبنا في عموم فلسطين المحتلة وعلى امتداد الشتات الفلسطيني. إنّ أي محاولة لعقد “انتخابات” صورية للمجلس هي عملية تدليس سياسي، ومسرحية هزيلة سيرفضها شعبنا، ولا تمثل إلا أصحابها ومموليهم. وكل من يشارك في هذه الجريمة تحت ستار “الانتخابات” لن يكون سوى ديكوراً وأداة للتصفية. إنّ أنصاف المواقف السياسة، في زمن الإبادة، أصبحت مشاركة فعلية وعلنية في ذبح أهلنا وستر الجريمة الصهيونية الأمريكية.
نحن نؤمن بأن إعادة الاعتبار للكيانية الوطنية الفلسطينية لا تمر عبر تجديد شرعية سلطة أوسلو، بل عبر إعادة بناء المشروع الوطني من الجذور، وتفكيك منظومة التنسيق الأمني والتبعية والفساد، والانحياز الحاسم لخيار المقاومة والتحرير والعودة.
ندعو كافة القوى الحية والحركات الشعبية والمقاومة الفلسطينية في كل أماكن وجودها إلى إعلان موقف واضح وحازم برفض هذه الدعوة، والعمل على بناء جبهة وطنية موحدة بديلة، تقودها المقاومة، وتمثل صوت الأغلبية الشعبية وتفتح الطريق أمام وحدة حقيقية مبنية على برنامج نضالي، لا على صفقات المصالحة الشكلية أو الاستدعاءات الموسمية من فوق.
لا شرعية لمن يبرر التنسيق الأمني مع العدو، ويقمع المقاومة!
لا تمثيل لمن فرّطوا بحق العودة، ولا شرعية لمن ساهموا في تجويع غزة!
معاً نحو بناء جبهة وطنية فلسطينية موحدة على طريق التحرير والعودة!
حركة المسار الفلسطيني الثوري البديل
22 يوليو، تموز 2025