كلمة الأخت المُناضلة جميلة عاصلة

(والدة الشهيد أسيل عاصلة)

مساء الخير أيها الاخوة الأعزاء .

ها أنا أُطلّ عليكم من قلب الجليل النابض بحب الوطن،من داخل فلسطين التي تئن تحت الاحتلال.

جئتُ أصرخ صرخة الشهداء الذين  رحلوا حين خانتهم أحذيتهم وتوقفت ساعتهم الزمنية، ولم يستطيعوا  أن يُكملوا مشوار الحياة  لأن الاحتلال أراد أن يمحو أسماءهم من سجل الحياة لكنه لا يدري أنهم  لم ولن يمّحوا من ذاكرتنا لأننا على ثقة أن رسالتهم لن تتوقف ما حيينا .

جئتكم إخوتي لألامس حنينكم وأنتم في غربتكم تزدادون شوقًا وحنينًا

لأصرخ صرخة الأم الفلسطينية التي تستيقظ كل صباح متسلّحة بإيمانها وصبرها وهي مستعدة لمواجهة الاحتلال هنا على الحواجز وعلى أرضها كي تحمي شجرة الزيتون أمام جرافات الاحتلال وهي تهدم بيتها تاركة إياها وأطفالها في العراء .

جئتكم لأعلن صرختي باسم أمهات الأسرى وزوجاتهم وأبنائهم الذين يضبطون ساعاتهم على  موعد زيارات الأسرى متنقلين بين سجون الاحتلال .

هي الأم  الفلسطينية التي لا مثيل لها في هذا العالم حيث تسخّر كل طاقاتها من أجل صيانة الأرض والعرض والحفاظ على الهوية والتراث واللغة،وأنتم لا  شك كثيرًا ما رأيتم من خلال الشاشات جنود الاحتلال يحاولون الدوس على كرامتها ،يطرحونها أرضًا من أجل إذلالها،لكنها تنهض منتصبة القامة وأكثر قناعة بحقها صارخة في وجه الاحتلال :نحن باقون هنا في فلسطين وأبنائي فداء للوطن .

جئتكم باسم الطفل الفلسطيني الذي يفقده الاحتلال طفولته .هذا الطفل الذي باتت ألعابه تحاكي معاناة الشعب الفلسطيني ونضاله ،وكثيرًا ما كنا نرى أطفال فلسطين ينقسمون خلال ألعابهم إلى فريقين فريق يمثل جيش الاحتلال وفريق يمثل المناضلين الفلسطينيين سلاحهم الحزام الناسف،ولم يقبلوا يومًا عند انتهاء اللعبة وإعلان النتيجة إلا الانتصار على الجنود لأن هذه قناعتهم .

جئتكم وقدمايّ ثابتتان على هذه الأرض الطاهرة التي يحاول الاحتلال سن قوانين لحرماننا حتى من خيراتها من عكوب وزعتر وخبيزة ،هذه الخيرات التي اعتادت عليها معدة أمهاتنا وجدّاتنا ولم يعتدن على الهامبوغر و الأكلات السريعة .لقد أحبتهم الأرض وأحبوها .

من هنا، وفي هذه المناسبة، مناسبة يوم الأرض، لا بد لي إلا أن أسلط الضوء على بعض سياسات الكيان الصهيوني لسلب ما تبقى منها بعد أن هجّر أهلها وهي كالتالي :.

1- تغيير معالم البلدات الفلسطينية

2- تهويد الأراضي بزيادة عدد السكان حيث الأكثرية الفلسطينية كما هو الحال في الجليل حين وضعت المؤسسة الصهيونية هدفًا من أجل تهويده عن طريق مصادرة الأرض بادعاء تطوير الجليل لبناء مشاريع لا تخدم إلا اليهود.

3-بعد الاحتلال مباشرة صادر الكيان الصهيون كل أملاك المهجرين وقد أطلقت على هذه الأراضي “أملاك الغائبين”

4- إقامة تدريبات عسكرية على الأراضي الفلسطينية وجعلها مناطق مغلقة لهذا الغرض.

5-عدم الموافقة على مشاريع ريّ للأراضي الفلسطينية مما قلل من إنتاج الزراعة ،هذا بالإضافة إلى فرض ضرائب عالية على الأرض يصعب على المزارع دفعها.

6- غالبية المشاريع كشق الطرق والسكك الحديدية والمصانع لا تكون عادة إلا على حساب الأراضي الفلسطينية .من أبرز هذه المشاريع مشروع المياه القطري الذي تضخ إليه المياه من بحيرة طبريا لينتفع ويستفيد منه السكان اليهود فقط في النقب.

7-عدم توسيع الخرائط الهيكلية للبناء في ظل الازياد السكاني لدى الفلسطينيين مما يضطرهم للبناء دون ترخيص وهذا لا شك يؤدي إلى محسابتهم قانونيًا وتدفيعهم مبالغ طائلة وفي كثير من الحالات يتم هدم البيوت.

بناء على ما تقدّم ونتيجة  هذه السياسات من أجل تجريد الفلسطيني من أرضه كانت الهبة الجماهيرية الفلسطينية 1976 وكان يوم الأرض محطة من محطات نضالات شعبنا .في ذلك الوقت كان قد صدر قرار صهيوني بمصادرة عشرات آلاف الدونومات في منطقة مثلث يوم الارض “عرابة – سخنين – دير حنا” وهذا ما دفع لتشكيل لجنة الدفاع عن الأراضي مُعلنة الاضراب في الثلاثين من آذار ،غير أن المؤسسة الصهيونية لم يرق لها ذلك وفرضت منع التجول في هذه البلدات حيث  قامت  بإدخال الجيش مع المجنزرات والدبابات متحدّية السكان مما أثار غضبهم والخروج من بيوتهم لمواجهة الجيش ليرتقي  نتيجة ذلك ستة شهداء وإصابة عشرات الجرحى ومئات المعتقلين .

أيها الاخوة هذا غيّض من فيّض مما نواجهه هُنا في فلسطين ولكن ثقوا أننا ما زلنا صامدين ،ننعم بدفء الوطن ونتمسك بذلك الخيط الرفيع الفاصل بين الحلم بوطن معافى وبعودة من هجّروا من وطنهم .

أخيرًا ما بي إلا أن أوصيكم خيرًا بهذا الوطن وأن نعمل جميعًا كي نعيد للقضية الفلسطينية رونقها .

نحن أقوياء لأننا أصحاب حق وقضيتنا  عادلة وكي لا تموت هذه القضية علينا بالوحدة  والالتفاف حولها ،وأن نكون يقظين أمام الغطرسة الصهيونية التي تسيطر على الرأي العام العالمي .

دمتم ودامت فلسطين مِن الميَّ إلى الميَّ .

ألقيت هذه الكلمة في مهرجان يوم الأرض الخالد في 3 نيسان 2021 الذي نظّمته اللجنة المحلية للمسار الفلسطيني الثوري البديل / محلية السويد

Share this
Send this to a friend