بعد عام على إنطلاقة حركة المسار الثوري البديل وعلى وقع فعاليات ومسيرات أسبوع العودة والتحرير نهاية أكتوبر الماضي أجرى الموقع الإعلامي لقاءً شاملاً وصريحاً مع الرفيق عمار رشدان عضو لجنة المتابعة المَركزيّة تناول رؤية الحركة ومواقفها والتحديات الرّاهنة التي تواجه الشعب الفلسطيني في الشتات. كما تناول اللقاء حزمة من القضايا والهموم الفلسطينيّة المُتعددة والمُتشابكة ومهمّات المرّحلة كما تراها حركة المسار الثوري البديل.  

كيف تُقيمون فعّاليات ومسيرات العودة والتحرير في الشتات تزامناً مع الذكرى الأولى للإنطلاقة ودخول الحركة عامها الثاني؟    

رشدان: في البداية نتوجه بتحية العودة والنضال إلى كل من شارك من أبناء وبنات شعبنا الفلسطيني وأصدقائنا وحلفائنا في إحياء هذه الذكرى، وفي المظاهرات والمسيرات والفعاليات الشعبيّة التي استمرت أُسبوعاً كاملاً في العديد من المواقع والمدن في الشتات، من سجن لانميزان الفرنسي للمطالبة بحرية الرفيق جورج عبد الله وهو يدخل عامه الـ 39 في السجون الفرنسية مُروراً بـ  فعاليات ومسيرة بروكسل و ندوة بيروت وصولاً إلى ما جرى من فعاليات في أمريكا الشماليّة والجنوبيّة

نعم، نَظّمت حركة المسار الثوري البديل ذكرى انطلاقتها الأولى في أسبوع حافل من اللقاءات والندوات السياسية وورشات العمل التنظيمية الهامّة بمشاركة عشرات الرفاق والرفيقات من فلسطينيين وعرب وأمميين وبقيادة فاعلة من كوادر الحركة وأنصارها الذين جاؤا من مختلف المناطق والدول، كما كان للرفاق الأمميين الدور الأبرز في تسهيل عملنا وتنظيم ورشات العمل داخل وخارج البرلمان الأوروبي وكانت الفعاليات في مجملها ناجحة ومفيدة سيما الفعالية المركزية (مسيرة العودة و التحرير في بروكسل يوم السبت 29 أكتوبر) التي كان لها الصدى الأكبر سياسياً وجماهيرياً واعلامياً

وحتى يكون التقييم موضوعياً وشاملاً علينا أن ننتظر بعض الوقت. نحن في الواقع لم ننته بعد من توثيق كل الأراء، فما زلنا نتلقى تقارير المناطق، وهناك ورشة مستمرة داخليّة، لكن يمكن القول أن الحركة تقدَّمت خُطوة مكتملة واثقة إلى الأمام عبّرت عن نفسها في طبيعة وحجم المشاركة الجماهيريّة والرّسائل السياسيّة والقُدرة على الحشد والتنظيم وبناء التحالفات وتعزيز قيادة الشباب والمرأة

ما جرى هو حصيلة عامّة للنشاط الدؤوب للرفاق والرفيقات والأصدقاء على مدار العام الماضي. لم تحدث في أسبوع واحد وإن رأيناه تجسّد في أسبوع الإنطلاقة.

الأهم بالنسبة لنا كان تكرّيس البوصلة السياسيّة والنضاليّة التي تُحدِد مسار الحركة، والشعار المركزي الناظم الذي رفعناه في ذكرى الإنطلاقة ونشاطنا العام وأقصد العودة والتحرير باعتباره نهجنا وهدفنا كحركة شعبية ثورية تُناضل في المنفى لتحقيق هذا الهدف الإستراتيجيّ.

أردنا أن نقول هذا هو طريقنا وجسرنا الوحيد دون أن نغفل بالطبع العناوين الحارقة اليوميّة التي يواجهها شعبنا في فلسطين المحتلة والمنافي. لذلك حَضَرت على مدار الفترة الماضية قضايا الحركة الأسيرة وحقوق اللاجئين في أوروبا ومواجهة العنصرية وكسر الحصار عن شعبنا في قطاع غزّة وغيرها من عناوين تتصل بواقع الشباب والمرأة وكلّها كما نعتقد تشكل أؤلويات وطنيّة بما في ذلك تسليط الضوء على تاريخ حركة نضال شعبنا وتجربتها في بُعدييها العربي والأممي.

يمكن القول أننا نفذّنا الجزء الأكبر من برنامجنا كما تصورناه، مع ذلك فالأمر لا يخلو  من نواقص وعثرات وربما سلبيات أيضاً، وهذه دروس نستخلصها مَعاً ونستفيد منها ونحن نبني تجربتنا الجماعيّة.

أسبوع الانطلاقة أثار حفيظة المُنظّمات الصهيونيّة والفاشيّة في أوروبا وأمريكا الشماليّة وجرت ضغوطات من قبل سفارة الكيان في بروكسل لمنع المسيرة، كيف تعاملتم مع هذه المسألة؟  

رشدان: من الطبيعي أن تخشى المُنظّمات الصهيونية وحُلفائها ومن خلفها الكيان الصهيوني من أيّ حراك شعبي فلسطيني ثوري مُنظّم يقودة جيل شاب، ومن شأنه أن يسرّع في عملية تنظيم الشتات الفلسطيني ويستعيد دوره الوطني والأستراتيجي.

بالنسبة لنا في حركة المسار هذه الهجمة على الحركة مُستمرة ولا نستغرب خوف هؤلاء، بل يجب أن يخافوا، هذا ما يفسر حجم الحملة التي قادتها سفيرة الكيان الصهيوني في بروكسل. بكل الاحوال نحن نرصد هذه التحركات المُعادية لكننا لسنا معنيين بالرّد عليها في الإعلام.   

البعض قد برى في الهجمة الصهيونية على المسار ذريعة للقول أن مواقفكم “المتطرفة” هي التي تجلب المتاعب ومثل هذه الردود التي قد تؤذي الحركة؟

رشدان: كما قلت سالفاً، فمنذ انطلاقة المسار والحركة تتعرض إلى حملات عنصرية وصهيونيّة مُنظّمة لا تتوقف. بعد أيام قليلة من إنطلاقتنا في نهاية أكتوبر  2021 حذّرت الدوائر الصهيونيّة من حركة المسار الثوري البديل، واعتبرتنا “أسوأ من المُنظّمات الإرهابيّة” كما قالوا علناً في صحفهم. نحن في العادة لا نُعلق على ما يقوله الصهاينة وعملائهم. نتعامل مع الأمر على قاعدة أن “القافلة تسير والكلاب تنبح” لكن من المهم بالنسة لنا، من باب التقييم والفهم، وبعد عام على الانطلاقة، أن نقوم بما يشبه جرّدة حساب مع الذّات ومع العدوّ.

حين درسنا هذه الحملات الصهيونيّة خلال العام المنصرم. وما تعرّضت له مُنظّماتنا في فرنسا واسبانيا وكندا وغيرها وجدنا أنها كانت في الحقيقة تزيدنا قوة وصلابة وتجعلنا أكثر تصميماً على السير إلى الأمام. لا أقول هذا الكلام من باب المبالغة أو التحريض الشعاراتي، ففي فرنسا مثلاً حاول الرئيس الفرنسي “ماكرون” حل “رابطة فلسطين ستنتصر” لم يحقق الصهاينة هدفهم، أصبحت “الرابطة” أقوى وأكثر حضوراً، كما تعرّضت “شبكة صامدون” إلى ضغوطات كبيرة واستُهدِفَت كوادرها في أكثر من بلد، وصل التحريض إلى حد التهديد المباشر وشاركت فيه كبرى الصحف الصهيونية واليمينية ووزراء وبرلمانات وأحزاب، ماذا جرى؟ تضاعفت قدرة “صامدون” واتسع نشاطها.

أمّا ردود الفعل الصهيونيّة على مسيرات العودة والتحرير في بروكسل فكانت متوقعة. من الطبيعي أن تغضب الحركة الصهيونية والسفيرة الإسرائيلية في بروكسل وتحاول التحريض على المسار البديل واللاجئين الفلسطينين والعرب وتخويف الشارع الأوروبي وتصويرنا كمجموعة من المتطرفين، لأننا خرجنا في مسيرات وتوجهنا إلى البرلمان الأوروبي نحمله مسؤولية مباشرة ونُطالب بحقنا في العودة وتحرير وطننا من الإستعمار.

لكن بعض الأصوات الفلسطينية وصفت المسيرات بـ “المتطرفة” و “غير اللائقة” خاصّة ظاهرة الملثمين مَثلاً، أو الإحتفاء بالقائد أبو خالد الضيف (قائد كتائب عزّ الدين القسّام) والهتافات لـ “عرين الأسود ” و”كتيبة جنين” وغيرها؟

رشدان: سعيد أنك سألتني عن هذا الأمر. فما حدث في مسيرة العودة و التحرير لم يكن وليد لحظة عفوية أو اجتهاد. خلال مناقشاتنا حول شكل وطبيعة مسيرة العودة والتحرير في بروكسل قُلنا لا ينبغي لها أن تكون “مسيرة عادية” بل يجب أن تكون استثنائية في الشكل والرسائل التي توصلها. وأعلنا عن ذلك.

الرسالة والأسلوب والشكل لا يقل أهمية عن مضمونها، لا بد من إتساق ما، وقد كانت رسالتنا موجزة ومفصلة وواضحة عبرت عن هويتنا كحركة، وهي أننا نقف صفاً واحداً خلف مقاومة شعبنا، نقف مع المقاومة بكافة أشكالها وفي مقدمتها المقاومة المُسلّحة وباختلاف منابعها ومشاربها دون خوف أو خجل وقد وصلت رسالتنا وهذا ما أردناه.

أما على المستوى العالمي فنحن اليوم نعمل على تحوّل جذري في خطابنا السياسي والفكري سواء مع شعبنا أو مع  القوى الصديقة المتضامنة مع حقوق شعبنا. ومطلوب رفع سقف “خطاب التضامن” وعلى الجميع أن يدرك هذه الحقيقة، فمن يريد أن يقف مع حقوق الشعب الفلسطيني عليه أن يقف مع شهداء وأسرى وجرحى شعبنا وعليه أن يستمع الى صوت الشعب الفلسطيني وألا يكتفي بالخطاب الرسمي أو يكرر ما تقوله ثلة من الفاسدين تريد تبرير علاقاتها الأمنية والسياسية و الاقتصادية مع الاحتلال.

يقول البعض أن الرسائل التي يجب إيصالها إلى الشارع الأوروبي يجب أن تكون مختلفة، فرفع صور “أحمد سعدات” و”جورج عبد الله” وكل هذه المظاهر لا تفيد في تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني؟  

رشدان: نحن نرى العكس تماماً. ومنذ أن دعونا إلى اسبوع العودة والتحرير قُلنا سنعبر عن موقفنا في وضوح تام، والمظهر العام للمسيرات كان تأييداً للمقاومة الفلسطينية الشاملة وتحديداً المسلحة، ودعوة إلى مقاطعة للكيان الصهيوني والتأكيد على هدف شعبنا في العودة وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر وحقّه في تقرير مصيره. وهذه بالنسبة لنا هي الأركان الأساسيّة للحركة لو أردت. وشاهدنا ردود فعل واسعة وايجابية من أبناء شعبنا عززت ثقتنا بهذا الموقف.

المظاهر التي تُحاكي صور المقاومة في مسيراتنا أغاظت مُنظّمات الحركة الصهيونية وعُملائها. لم نقرأ مقالات أو نسمع رأياً فلسطينياً جاداً مُخالفاً. حتى إذا وجد مثل هذا الرأي، فهذا طبيعي، قد يكونوا أفراداً أو من تيارات سياسيّة تختلف معنا أو ربما من سفارات السلطة الفلسطينية ومناديب الأجهزة. هذا أمر طبيعي.

نحن نعبر عن موقفنا ونعلن تأييدنا للمقاومة الفلسطينية. كذلك من شاركوا معنا من الحلفاء والأصدقاء ويشكلون جزء من الحاضنة الشعبية الأممية للمقاومة الفلسطينية وحركات التحرر. كُلّهم جاؤا ليقولوا “نحن أيضاً مع المقاومة والانتفاضة والمسار الثوري البديل” وعبروا عن ذلك بكلماتهم وشعاراتهم وتأييدهم العلني للخط الثوري الذي تُمثّله حركة المسار البديل. ربما من المفيد هنا التذكير، مرة أخرى، أننا حركة أمميّة إلى جانب أننا حركة فلسطينيّة وعربيّة.

في نهاية المطاف نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، نحترم عذابات شعبنا وتضحياته ونحتفي بالحركة الأسيرة وقادتها ونريد تثبيت شرعية المقاومة المسلحة بمختلف تشكيلاتها وكتائبها وتياراتها الوطنية. سنواصل تبني هذا الموقف في مختلف أوجه نشاطنا الجماهيري والسياسي والإعلامي والثقافي وغيره باعتباره مهمة نضاليّة ثابتة على برنامجنا. وهذا ما أسميناه بـ “تطبيع العلاقات مع المقاومة في العالم”، وذهبنا أكثر من ذلك، قُلنا إن المقاومة المُسلّحة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.

ما هي أبرز المهام أمام حركتكم في هذه الفترة؟

رشدان: بعد مرور عام على ولادة حركة المسار الثوري الفلسطيني البديل باتت الصورة أوضح والعزيمة أشد وأكبر بأن نواصل جهدنا ونحقق مهامنا و أهدافنا التي وضعناها في إعلاننا الأول في مدريد أكتوبر 2021، واليوم نستكمل الخطى الواثقة وسيرنا مع شعبنا وقوى المقاومة وأحرار العالم نحو الهدف كما تحدد في اعلان بروكسل.

هذه المهام تتمثل في حشد كافة الجهود وتضافر كل القوى لمساندة شعبنا الفلسطيني خصوصاً أننا أمام فاشية صهيونية خطيرة وتغول معسكر العدو على كرامة وحقوق شعبنا الفلسطيني.

دعونا كل القوى الثورية الصديقة إلى مواصلة دورهم وواجبهم الانساني في التصدي لكافة مشاريع التطبيع والتصفية التي تستهدف القضية الفلسطينية ومواجهة الأنظمة العربية الرجعية والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الاوروبي.

نريد استكمال اللقاءات و الحوارات مع القوى والحركات وفصائل العمل الوطني ولا سيما الرئيسة منها والشّخصيات الوطنيّة المناضلة للشروع فوراً في بناء الجبهة الوطنيّة الفلسطينيّة العريضة الموحدة ومواجهة  سلطة الحكم الذاتي العميلة للاحتلال في الضفّة المُحتلّة وإلى تأسيس الاتحادات النّقابية المهنيّة الموحّدة ومغادرة مربع وأوهام ما يسمى “المصالحة” مع قوى أوسلو التي تعترف بالكيان الصهيوني وتعمل وكيلاً له.

يجب العمل على فضح الدور الصهيوني – الامريكي – المصري الرسمي في استمرار جريمة – الحصار – على قطاع غزة والعمل على كسر هذا الحصار الظالم وتصعيد كافة أشكال النّضال العربيّ والدّولي وتوسيع دوائر التّضامن مع الحركة الوطنيّة الأسيرة المناضلة في سجون العدو الصهيوني. 

هذه مهام مباشرة للعام المقبل فماذا عن استراتيجية الحركة؟

رشدان: حددنا الحلقة المركزية في عملنا وهي استعادة دور شعبنا في الشتات والنّضال من أجل وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة القضية والحقوق الفلسطينية. وكما هو معروف للجميع جرت عملية سطو على مؤسَّسات شعبنا في المنفي والمهاجر، وعملية تدمير وتجريف مستمرة منذ عقود، نهبوا اتحاداته ومؤسَّساته الشعبية والنقابية والوطنية وتركوه في العراء.

سنقوم بكل ما يجب القيام به حتى نستعيد هذا الدور ونقوم بمسؤوليتنا الوطنية مع إدراكنا لطبيعة وصعوبة هذه المهمة التاريخية التي لا يمكن الوصول لها دون توسيع المشاركة الشعبية الفلسطينية والعربية وتعزيز وحدة شعبنا، وهي مهمة دائمة ومستمرة حتى العودة والتحرير

وتقديري أن السنوات القليلة القادمة ستشهد حُضوراً مُكثفاً وواسعاً لحركة المسار الثوري البديل في العديد من المناطق لنكون على تماس مباشر مع تجمعات الشتات ونتعلم من جماهيرنا ونفهم واقعها ونخدمها. ما جرى في الأسابيع الأخيرة من إنجازات متواضعة وصغيرة على صعيد العمل الشبابي والنسوي وإطلاق قناة “الفلسطينية” مؤشرات ايجابية تُعطي الحركة دفعة أكبر في المدى المنظور وعلى المستوى البعيد أيضاً

ونرى أن التحدي الأهم على الصعيد السياسي الدّاخلي والوطني هو الدفع بتأسيس الجبهة الوطنية الفلسطينية الموحدة كما أشرنا سابقاً، هذه الجبهة التي من شأنها أن ترسم استراتيجية التحرير والعودة وتقود نضال شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج.

بادرنا إلى حوارات مفتوحة وصريحة مع قوى المقاومة الفلسطينية وقوى شعبية فلسطينية متعددة من أجل هذا الهدف. هذه مهمة أساسية في إستراتيجيتنا نرى أنها ممكنة إذا توفرت الإرادة السياسية لدى قيادة المقاومة وإذا دعمتها القوى الشعبية الفلسطينية والعربية وكانت مسنودة بإرادة شعبية فلسطينية وعربية وأممية تعبر عن نفسها في العلن

كل هذا لا يعني إغفال مهمتنا في التصدي لمشروع سلطة الحكم الذاتي العميلة والدفاع عن حقوق شعبنا المدنيّة والسياسيّة والثقافيّة والإجتماعيّة في كل مكان، وتعزيز دور اللاجئين في مخيمات الأردن وسوريا ولبنان. نحن في الحقيقة نسير وفق خطة واضحة ونقوم بمراجعتها دورياً.

بعد عام على إنطلاقتكم كيف تقيمون العلاقة مع القوى الفلسطينيّة عموماً؟

رشدان: نحن على علاقة جيدة مع معظم القوى الفلسطينية الوطنية. في حالة حوار مستمر لا ينقطع، وما يحدد علاقتنا مع أي طرف هو موقفه من وجود الكيان الصهيوني في وطننا، موقفه من فلسطين وحقوق شعبنا وهدف العودة والتحرير. نحن عندما نقول فلسطين نعني كل فلسطين، من النهر إلى البحر، ونرى في المقاومة المسلحة الممثل الشرعي الحقيقي للشعب الفلسطيني، المقاومة الباسلة التي تواجه العدو وتقوم في فعل التحرر الوطني وتقدم الدم والروح، وكذلك الحركة الأسيرة المناضلة باعتبارها قيادة موثوقة وخط دفاعنا الأول في مواجهة العدو الصهيوني

ونرى أن الميثاق الوطني الفلسطيني في وثيقته الأصلية التي أقرها شعبنا عام 1968 قبل جريمة تزويرها عام 1996 دستورنا  الفلسطيني الشرعي الذي نتمسك به إلى أن يقوم شعبنا بتعديله وتطويره وفق إرداته الشعبية الحُرّة.

كل من يتفق معنا على هذه الأسس نعتبره رفيقاً وشريكاً لنا.

نريد أن تكون علاقتنا جيدة وقوية وصلبة مع كل القوى السياسية في حركة المقاومة الفلسطينية والعربية ومختلف القوى والحركات الشعبية المناضلة، ونسعى إلى تطويرها، ونبادر إلى ذلك من موقع الواجب الوطني وتحشيد كل طاقات شعبنا في مواجهة الكيان الصهيوني. وأي خلافات أو تعارضات حول التكتيك والتفاصيل يمكن حلّها عبر الحوار الأخوي والرفاقي الصريح

ونجد لزاماً علينا توضيح حقيقة مفادها أننا لسنا فصيلاً فلسطينياً ولا حزباً سياسياً. نحن حركة فلسطينية شعبية ثورية ذات أبعاد عربية وأمميّة. وهذا المثلث بالنسبة لنا متساو الأضلاع، تشكله قوى ومنظمات وجمعيات وشخصيات من القارات الخمس التي تشارك معنا في حركة المسار الثوري البديل.

ألا يشكل موقفكم من منظمة التحرير الفلسطينيّة عائقاً أمام تطور علاقاتكم بالعديد من القوى الفلسطينيّة داخل المنظمة؟

رشدان: ليس لدينا أي موقف مسبق من أي طرف وطني، أمّا الزمرة المستفيدة من سلطة الحكم الذاتي الهزيل التي أفرغت منظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها وهمّشت مؤسَّساتها بعد مؤتمر مدريد التصفوي عام 1991 وتوقيع اتفاق أوسلو الكارثي فهذه طبقة أصبحت خصماً لشعبنا، لا يمكن الوثوق بها أو أن تكون جزء من الحركة الوطنية.

من يعرف هذه الحقائق ويصمت عنها من أجل تحقيق مكاسب حزبية ضيقة، أو حرصاً على “المخصصات” والموقع وعلاقاته الإقليمية مع هذا النظام أو ذاك، فهذه مشكلته وعليه أن يبرر موقفه أمام شعبنا. نحن نرى أن واحدة من أهم نقاط قوة حركة المسار الثوري البديل أنها حركة مستقلة في قرارها لا تتبع لأية جهة، لا سياسياً ولا مالياً، لا يمكن لأحد أن يجبرنا أن نخفض من سقف موقفنا وخطابنا السياسي.

لكن الحركة تغرد خارج السرب وتقول أن “المنظّمة” ليست ممثلا شرعياً، وهذا يخالف موقف كل الفصائل الفلسطينية أليس كذلك؟

رشدان: موقفنا من المنظمة يجب ألا يكون هو المشكلة أو عائقاً أمام تطوير علاقاتنا مع الحركات الثورية المناضلة التي تسعى للعودة والتحرير. بما في ذلك القوى السياسية التي تشارك في المنظمة. نعم، يجب أن نرى المساحات المشتركة ونبحث عن مواطن الإتفاق والقواسم المشتركة وما يجمعنا ونبني عليها، وهي كثيرة على أيّ حال.

لكن نحن نرى في المنظمة مؤسَّسة بناها اللاجئين الفلسطينيين بالدم والنضال، وهي اليوم مختطفة من قبل عصابة وأكلها الفساد والعفن، وسيطرت عليها حفنة من الرأسماليين وقوى التنسيق الأمني مع العدو في رام الله. لا يمكن أن نعتبرها – وهذا هو حالها- مُمثلاً شرعياً لشعبنا وقائدة لنضاله الوطني التحرري. فالإعتراف بالمنظمة ممثلاً شرعياً، في ظل موازين القوى الراهنة، والأوضاع القائمة داخل م ت ف ، يشكل خطراً داهماً على قضية وحقوق شعبنا. ويعطي غطاءً ومبرراً للقيادة المتنفذة الفاسدة لتقديم المزيد من التنازلات على حساب شعبنا وحقوقه

انظر إلى ما يجري اليوم في الضفّة، خير دليل على ما نقول، حتى القوى التي تدعو إلى تكريس المنظمة ممثلاً شرعياً وتدعو لاستعادة دورها واصلاحها تتعرض للملاحقة والقمع على يد أجهزة السلطة. لأن القيادات المأجورة في السلطة/ المنظمة/ لا تريد الإصلاح ولن تتخل عن امتيازاتها الطبقية التي حققتها من خلال إرتهانها للعدو والولايات المتحدة والنظام النفطي. لا تريد الاعتراف بانها فشلت على كل المستويات والأصعدة. نحن ندعو القوى الوطنية في م ت ف إلى مغادرة هذا المربع والعمل على بناء جبهة وطنية موحدة تحظى باحترام وثقة شعبنا في كل مكان.

والحل؟

رشدان: هزيمة مشروع أوسلو، أن تسقط السلطة ونهجها الخياني التفريطي. ويجب أن نشرع في تأسيس البديل وبناء جبهة وطنية فلسطينية موحدة. هذا هو الحل. وهذه مهمة يمكن تحقيقها بالتوازي.

تقصد بديلا عن منظمة التحرير؟

رشدان: نعم، فإذا كانت المنظمة بالنسبة للبعض صَنماً يعبدونه ويحلبونه فهذا شأنهم. أمّا نحن فنريد جبهة وطنية موحدة يشارك فيها الكل الوطني على أسس ثورية جديدة ولا نبحث عن أصنام. نحن نسأل: ماذا تتحمل المنظمة من مسؤوليات وطنية حقيقية تجاه شعبنا في مخيمات سوريا ولبنان والأردن مثلاً؟ أو في فلسطين المحتلة 48  وأوروبا وأمريكا الشماليّة والجنوبيّة؟ هذا “التمثيل” وهذه “الشرعية” ليست مُعطىً ولا قابلة للتوريث. تمثيل الشعب يعني الدّفاع عن حقوقه ومساندته والنزول عند الإرادة الشعبية الفلسطينية، وهذا ما لا تقوم به المنظمة سواء عجزاً أو تواطئاً.

البرنامج السياسي الذي تسيير عليه قيادة منظمة التحرير يحقق في أحسن الأحوال ما يسمى”حل الدولتين” وهذا بالنسبة لنا حَلاً خيانياً وتصفوياً. إذن المسألة أصبحت واضحة بالنسبة لنا. يُمكنك القول أن المنظمة مُمثلاً رسمياً بحكم الأمر الواقع، وبحكم الإعتراف العربي والدولي الرسمي، لكنها ليّست ممثلاً شرعياً.

ما هو موقفكم بشأن الدولة الدّيمقراطية الواحدة في كل فلسطين من النهر إلى البحر؟

رشدان: الأولوية بالنسبة لنا هي تحقيق العودة والتحرير. هذا يعني ضمان عودة اللاجئين الفلسطينين إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم، ويعني تحرير فلسطين، الأرض المحتلة من النهر إلى البحر، حينها سيمارس شعبنا حقّه الطبيعي في تقرير مصيره فوق كامل ترابه الوطني. أمّا الدولة في فلسطين وشكلها ومؤسَّساتها وجيشها واقتصادها ودستورها فهذه مسائل متروكة للزمن والأجيال القادمة.

مع ذلك، قُلنا في وثائقنا الأساسيّة أن المجتمع الذي نتصوره ونريد تحقيقه في فلسطين المحررة يجب أن يكون قائماً على العدالة الاجتماعيّة والديمقراطيّة والاشتراكيّة، المجتمع الخال من كل مظاهر الإستعمار والعنصرية والصهيونية والتمييز على أساس اللون والجنس واللغة والدين وغيره، وأيّ سلطة سياسية يجب أن تكون تحت سيادة شعبنا، وتعبر عنه وتخدمه وتحقق إرادته وطموحاته الوطنية.

نحن بطبيعة الحال لن نكون ضد إقامة دولة فلسطين الديمقراطية في كل فلسطين العربية الحرة كمحصلة طبيعية للتحرير والعودة، تضمن تعويض شَعبنا وتمكينه من استعادة ممتلكاته وتحقيق العدالة الإقتصادية وليس العدالة السياسية فقط، ومحاسبة من اتركبوا الجرائم بحق شعبنا وكانوا السبب في خلق المأساة الفلسطينية. .

كما أن فهمنا هذا يعني إزالة وتفكيك الكيان الاستيطاني العنصري في كل فلسطين، ولا نقبل الدعوة للتساوق مع وهم إمكانية “تغيير” الكيان الصهيوني من خلال دمج الفلسطينيين في مؤسَّسَاته وبرلمانه مُقابل تحسين شروط حياتهم وبعض حقوقهم المدنيّة والمعيشيّة، ونرفض تشريع التطبيع وإضفاء شرعية على منظومة الإستعمار الصهيوني من خلال المشاركة في تسويق “ديمقراطية” الاستعمار أو القيام بدور وظيفي لصالح العدو. فالدولة الديمقراطية في فلسطين كما نفهمها تعني نفيًا جذرياً شاملاً للمشروع الصهيوني عبر هزيمته وتفكيكه.

 

Share this
Send this to a friend